رأي

كيمياء الإشاعة في اليمن: الخبر والحرب… الخبر في الحرب

This post is also available in: English (الإنجليزية)

على الرغم من أن المثل اليمني يقول: “من تغدى بكذبة ما تعشى بها” إلا أن الواقع يشير إلى أن الكذبة تحيا لفترات طويلة متواصلة في بلاد تهاوت فيها المصداقية وتلهفت الناس فيها لاستقبال الإشاعات كتسلية في بعض الأحيان. لكنها تسلية بثمن الطمأنينة.

فكم من مرة أمات الناس في أخبارهم فناناً أو شخصية عامة فنية أو أدبية[1]. ثم يأتي النفي من أقارب المعني أو يظهر عليهم من أماتوه في أمانيهم في تسجيل صوتي أو مرئي ليثبت عدم وفاته؟

وكم من مرة جرى الحديث فيها عن اختفاء فتاة أو طفل في ظروف غامضة ثم يظهر المخفي على الملأ في ظروف مختلفة؟

وكم مرة جرى تناول خبر جريمة مدوية فاضحة تهز كيان الناس وتزعزع ثقتهم خصوصاً فيما يتعلق بانتهاكات بحق الأطفال والمرأة ثم يظهر الأمر على أنه مختلف؟

هذا لا يعني أن كل شيء على يرام وأن الأعلام لا تموت وأن الجرائم الفظيعة لا تُرتكب لكن بعض الأحداث تأخذ حيزاً كبيراً من الاهتمام وهي زائفة بينما الحقيقية والمؤلمة لا تظهر للعيان.

ففي العادة يتسرع الناس في الرد لأن طبيعة الخبر تهزهم خصوصاً إذا كانت جريمة شنيعة تجرح حسهم الجمعي أو مشتركهم الوطني مما يؤدي لتفاعل على مستوى سلطوي كبير سرعان ما يظهر حقائق مغايرة.

فقاعات إخبارية

صار الواقع الخبري في اليمن -أو لليمنيين إجمالاً-ينتظم بفقاعات إخبارية تفرض إيقاع تلقي الناس للأحداث الواقعة على اليمنيين داخل اليمن وخارجه. تتشكل هذه الفقاعة داخل الفضاء الإخباري وتستمد روحها من جوهره. إذ يتسم الزمن الإعلامي الذي يقع على نقيض الزمن القضائي -حيث لا إدانة إلا بإثبات تهمة بعد تحقيق ومرافعة -بالتسارع والتكثيف ونقل الخبر والتعليق عليه ومن ثم الانتقال إلى خبر آخر جديد. ويختلف تقييم الصحفي لأهمية حدثٍ من غيره وفق معطيات عديدة منها اقتران الحدث بزمن سياسي معين. وهنا تدخل السياسة كعامل آخر غير هيّن.

في بلدان تعيش حروباً وصراعات أهلية تزداد التحديات أمام الصحافة كي لا تسقط في دوائر الاستقطاب المحلي والإقليمي وكي تحافظ على معايير المهنة في إطار اكراهات الربحية والتقدم التقني الهائل.

لقد جعل التقدم التقني في عالم الاتصال من كل متلق مصدراً لخبر وصانعا لمحتوى اعلامي. بينما كان الناس في السابق يتلقون الأخبار في الأسواق وأماكن التجمعات وهي فضاءات محدودة نسبياً. والآن صار الفضاء الإلكتروني سوقاً مفتوحة لكل سلعة وبضاعة.

هذا التقدم الذي بقدر ما رفع من شأن صناعة الإعلام من حيث الإمكانيات التقنية، جعلها في حالة سباق من أجل البقاء على الصدارة أو ربما على قيد الحياة حيث تغلق بعض المؤسسات الصحفية قسمها الورقي لصالح القسم الإلكتروني. لعل الصفحة الأولى من صحيفة اكسبريس الامريكية التابعة للواشنطن بوست كانت مثالا ًلهذه الحالة اليائسة عندما كتبت “تتمنى اكسبريس ان تستمتعوا بهواتفكم كريهة الرائحة” معلنةً بذلك توقف صدور نسختها الورقية في سبتمبر العام المنصرم.

أما في اليمن التي نختارها كإطار مكاني لموضوع مقالنا هذا، فقد تعرضت الصحافة لضربة موجعة. لأنها ببساطة هدف لكل ساع ٍإلى القوة والهيمنة. وهي أسهل ما يمكن النيل منه. تشير التقارير المحلية والدولية حول واقع الصحافة في اليمن إلى الوضع المأساوي وتعدد الانتهاكات وخطورتها التي يتعرض لها الصحفيون[2].

الأمر لا يقتصر على التعدي على هذه الصحيفة أو تلك وإنما يطال أخلاقيات الصحافة ومفهوم صناعة الخبر عينه. الخبر في زمن الحرب تغلب عليه صفة الدعاية والإشاعة. لأنه لا ينجم عن عملية إعداد صحفي محافظ على معايير المهنة وإكراهاتها والتزاماتها الأخلاقية. وبدل تقديم أخبار، يجد المتلقي نفسه أمام حشود من الأخبار الزائفة fake news التي تستفحل أكثر كلما غابت المؤسسات.

وكل هذه الإشاعات لا تخلو من غرض وراء نشرها وترويجها خصوصًا في المناخ الأمني الذي تعيشه اليمن. وكثيراً ما يتم توظيف هذه الأخبار سياسياً للنيل من الخصم وإرباكه وخلق بلبلة. يغدو الخبر الموجهّ في إطار الحرب وعبر وسائلها الإعلامية خليطاً من دعاية ودعاية مضادة وأكاذيب.

 في هذا المقال سنحلل حضور الشائعة في السياق العام لليمن والعوامل التي وفرت مناخاً ملائماً لانتشارها وموقع العمل الصحفي من هذه المسألة.

العمل الفني لمها العُمري

الحرب وتوليد الإشاعات

يمكننا الجزم أنه لا يوجد عامل واحد لانتشار الأخبار الكاذبة وتلقي الناس للإشاعات. إنما هناك جملة عوامل متضافرة في آنٍ منها الأمني ومنها التقني؛ وسائل الاتصال، منها ما هو مهني خاص بانزياح كبير في المهنة الإعلامية. هذا إلى جانب كون الدعاية شأنا جينياً في النظام غير الديمقراطي وبل والديمقراطي أيضا بحسب ديفيد كولون[3] مما يدفعنا إلى القول إننا أمام موروث من ممارسات الدعاية والاشاعة برسم الدولة.

“الحرب هي الجحيم” بحسب الجنرال شيرّمان نصير الوحدة في الحرب الأهلية الأمريكية وهي لدى زهير بن أبي سلمى “ذميمة” كما إن مسارها لدى الحكيم اليماني علي ولد زايد “ندامة وعدامة وغرامة[4]“. لكنها تحمل بعداً أخلاقياً آخر يجلب معه نقائض الفضيلة كالكذب الذي ينافي فضيلة الصدق. فمع قيام الحرب “تصبح الأخلاق غير ذات صلة؛ حيث تحل محلها الضرورة العسكرية بمعنى ما هو ضروري لتحقيق النصر[5]“.

وفي خضم هذه الحرب التي يعيشها اليمن توافر مناخ أمنى محفز لرواج الاشاعة. من الناحية الأمنية، أقل ما يمكن أن يقال عن الأمن في حالة احتراب هو التدهور الذي يتجسد بمضاعفة الانتهاكات وارتفاع معدل الجريمة[6].

وبهذا فإن المعركة تتخذ أشكالاً عديدة منها معركة كلامية سلاحها اللغة. إذ تنطلق هذه المعركة من ميدان مألوف في العادة ومتكرر من قبيل حوادث جنائية أو أخبار على صلة بالموت والحياة لكنها تتجاوز نقل الخبر السابق حدوثه إلى صناعته صناعة متكاملة مع سياق المعركة. وهذا يجعل من الخبر المتداول غرضاً في المعركة بمفهومها الواسع. ويهدف إلى إثارة القلق واللايقين ويبث الرعب في النفوس. لكنه أيضاً يخلخل بعض التوافقات العامة ذات البعد السياسي كالمواطنة والوطن والنظام السياسي.

ظروف تساعد على تلقي الشائعة

الظروف اليومية التي يعيشها اليمني في ظل افتقاره لكل أشكال الأمان تجعل من قابلية تلقي الإشاعة والخبر الزائف والكذب عالية جداً. ويزيد من قابلية تلقي الإشاعة غياب مرجعية خبرية موحدة أو تحظى بإجماع. فالمرجع الصادق للتابع هو المتبوع بوسائله وأدواته الخبرية. طالما وقد شكّل المتلقي في داخله حاجزا نفسياً نتيجة للتعبئة التي تعرّض لها أو لما تمليه عليه انتماءاته المحتشدة والضيقة من هدم للآخر فإن كل ما يأتي من هذا الآخر وخارج وسائل المتبوع يكون خبراً غير قابل للتصديق وليس أكثر من عمل دعائي ذي استخدام وظيفي في الحرب.

لعل أصدق تعبير عن هذه الحال ما يرد على لسان ابن خلدون في مقدمته:

ولما كان الكذب متطرقا للخبر بطبيعته وله أسباب تقتضيه: فمنها: التشيعات للآراء والمذاهب فإن النفس إذا كانت على حال الاعتدال في قبول الخبر أعطته حقه من التمحيص والنظر حتى تتبين صدقه من كذبه وإذا خامرها تشيع لرأي أو نحلة قبلت ما يوافقها من الاخبار لأول وهلة وكان ذلك الميل والتشيع غطاء على عين بصيرتها عن الانتقاد والتمحيص فتقع في قبول الكذب ونقله”[7].

على أن ما يجعل من رواج الاشاعات وشيوعها شأن آخر يقع خارج إطار الحرب هو رغبة الناس في الخبر للتسلية دون التحميص والنقد. إذ تؤسس الثقافة الشعبية إلى التلقيّ لمجرد الدهشة مع افتراض صدقية الخبر سلفاً “تحت مبدأ هذا المثل: (ما دخان إلا وتحته نار)” كما يذهب إلى ذلك عبد الله البردوني في حديثه عن تداول الأخبار والقصص غير الحقيقية والقصص الشعبية في أوساط اليمنيين[8].

البديهي أنه منذ أول تنظير للحرب فإن الإشاعة في صميم هذا الفعل العنيف. لكن الإشاعة لها جذور سابقة للحرب في الممارسات الإدارية في وقت غير الحرب في نظام يفتقر للشفافية ولا يرتكز على الديمقراطية ويغطي سوءاته بالدعاية والشائعات.

مراجعة تاريخية: الشائعة ضمن ممارسات الدولة اليمنية

نشأ النظام السياسي الحديث في اليمن بشطريه في لحظة أصبحت الدعاية وظيفة حيوية للدولة الحديثة منذ الحربين العالميتين. ورافق قيام الدولة اليمنية في مراحلها الأولى زيادة قدرتها في مخاطبة الجمهور من خلال تعزيز فترة البث الإذاعي وإدخال التلفزة في السبعينيات. وكانت طبيعة النظامين المتنافرين إيديولوجياً وصراعهما الذي يصل إلى مواجهات مسلحة قد فرضت عليهما توظيف الدعاية والدعاية المضادة. تربعت بعض المفردات على عرش العمل الدعائي الموجه تجاه الآخر من قبيل الرجعية والإمبريالية من ناحية أو الشيوعية من ناحية أخرى.

وااشاعات السياسية إجمالاً كانت تهدف إلى هدم شخصية ورمزية الخصم بتجريمه دينياً لانتمائه لتيار وضعي غير مقبول كالشيوعية. لذا نجد أن الصحفي والقاص اليمني صالح الدّحان قد نشر مجموعة قصصية تواجه هذا التجريم مبكراً بعنوان “أنت شيوعي” صدرت عام 1957 ثم أُعيد نشرها عام 1980. أو من خلال الترويج لإشاعة تدين الخصم بتهمة عمل مخل بالآداب وخارج عن العرف والتقاليد وأشهر هذه الإشاعات نشر صورة فتاتين فرنسيين مقتولتين إلى جوار جثتي الرئيس الحمدي وأخيه بعد حادثة اغتيالهما. وفي الألفية الثالثة نجد منها تهماً كانت تلازم أبناء الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر باعتدائهم على فتيات في شوارع صنعاء.

كانت بعض الشائعات السياسية تجول في أذهان الناس بتكرار أشبه بالحقيقة حتى يأتي عليها حدث مفاجئ ويعصف بها ليكتشف الناس أنها كانت مجرد كذبة سياسية غشت عموم الناس. يمكننا ان نستحضر إحدى هذه الشائعات التي بطبعها سياسية صرّفة ولم يمكن متصوراً أنها انطلقت من الأسفل؛ لأنها كانت أحد عوامل تماسك النظام السياسي في البلاد لفترة ألا وهي أن علاقة قرابة أخوة تجمع كل من علي محسن الأحمر وعلي عبد الله صالح باعتبارهما أخوين غير شقيقين. لكن ومع مطلع العام 2011 ذهبت رياح الخلاف السياسي بفزاعة هذه الإشاعة من تداولات الناس اليومية.

بيد أن هناك إشاعات تناسب حاجة الجمهور إلى سرّدية فيها سحرية وغموض تجاه أبطاله منها على سبيل المثال رواية مقتل عبد الفتاح إسماعيل التي تركت باب أمل بقائه حياً موارباً لفترةٍ طويلة ولم تحسم بعد إلا بقوة الزمن وليس بالدليل المادي.

وهناك إشاعات كُتب لها عمر طويل من التداول رغم عدم قابلية تحقيقيها عقليا من قبيل إقراض اليمن للبنك الدولي في عهد الحمدي أو أن السعودية كانت تقترض من اليمن حبوباً في عهد الإمام. والحقيقة أن اليمن كانت تعيش على فائض عائدات المغتربين بفضل الطفرة النفطية في عهد الرئيس الحمدي[9] وهي متعطشة لكل ريال من أجل التنمية.

العمل الفني لمها العُمري

موت الصحافة ودور وسائل التواصل في اتساع رقعة الشائعة.

هناك ظاهرتان متلازمتان تخصان الشأن الصحفي في اليمن. الظاهرة الأولى هي تلقي الصحافة ضربة قاصمة بسبب التضييق على العمل الصحفي واغلاق الصحف وتشرّد عدد كبير من الصحفيين خارج أو داخل البلاد. بالتالي انهارت المؤسسة الصحفية الورقية وذهبت من المجال الملموس إلى الفضاء الافتراضي. وهنا تأتي الظاهرة الثانية وهي تفجّر الفضاء الافتراضي بعدد كبير من المواقع الإخبارية التي يصل عددها وفقاً للمحرك الاخباري صحافة نت إلى 128 موقعاً.

الانتقال من الصحيفة المرتبطة بمقر وعنوان مكاني وهيئة تحرير لها حضور مادي الى فضاء افتراضي لمواقع يديرها ويشغّلها أحيانا شخص واحد فقط أتاح التخفف من قيود المهنة والانزلاق نحو تلبية سوق الاستقطاب والنيل من الخصوم وحضور الصحفي المنافح عن الموقف لا صحفي التحقيقات والتقارير. بمعنى أدق اختزال العمل الصحفي إلى تغطية خبرية متحيزة بلغة منتمية ومتعصبة فيها الكثير من النعوت والأوصاف والتملص من ألوان العمل الصحفي وفنونه المتعدّدة.

الحرب بطبيعتها أزاحت الصحفي لتحل محله الإعلامي الحربي، وصارت المصادر الإخبارية محدودة لدرجة أنك تجد تكراراً كبيراً ومتشابهاً للخبر الواحد في مواقع عديدة. هي في حقيقة الأمر محاولة من هذه المواقع الطارئة كالفطر لمليء فراغ صفحاتها الاخبارية وأحياناً كثيرة بدافع كسل تحريري يصل إلى إعادة نشر الخبر المصدر كما هو دون أي تصحيح للأخطاء اللغوية والإملائية وتاريخ النشر والمصدر.

صحيح هناك استثناءات صحفية جادة تجاهد لتقديم محتوى إعلامي ذي جودة وتتجاوز البعد الخبري نحو تقارير وتحقيقات صحفية، وتتحرى المصداقية، وتعمل على فضح الأخبار المفبركة، لكنها قليلة أمام الكم الإخباري الإلكتروني الكبير.

هشاشة الصحافة التخصصية في اليمن

لم تتمكن الصحافة المتخصصة في اليمن من الانتقال إلى مرحلة نضج كونها حديثة نسبياً[10]. فظل الصحفي يراوح في عمله العام دون ملامسة تخصص يجعله خبيراً في تخصصه بما يتيح له تقديم معلومة أكثر دقة أو الاستطاعة على تفنيد معلومة شائعة غير صحيحة.

بالمقابل، دفع حدس الناس إلى عدم قبول الدعاية السياسة بتكوين حس عام ينظر إلى ما هو غير مقبول من الأخبار كونها صادرة عن أجهزة الدعاية السياسية بالتعبير عنها كناية بـ “المطبخ السياسي”. لكن هذا الظرف أتاح تمرير أخبار غير دقيقة وقابلة للتوظيف في التجييش أو التوظيف السياسي ومنها على سبيل المثال الحديث عن ثروة نفطية يمنية هائلة تقدر بمليارات البراميل دون التمحيص في مصدر المعلومة أو مقارنتها باحتياطي نفطي لدول الجوار على سبيل المثال. وبعد قليل من البحث يتضح أن الشائعة أخذت مسارات عالمياً في التناقل لكنها من دون دليل علمي ولا مصدر موثوق[11].

عبقرية الشائعة

إلى جانب العوامل السابقة يجدر بنا العودة إلى طبيعة الشائعة عينها. تبدو الشائعة وكأنها تملك عبقرية خاصة بها في الانتشار على غرار النكتة التي تقع خارج الرصد والفحص لكنها تمتلك قوة سحرية في الانتشار دون التمحيص في معقوليتها وقابليتها للتحقق ومصدرها. أي أنه يتم تداولها دون طرح أسئلة عليها. وهذا لا يدفعنا الى تجاوز فكرة أن الاشاعة صناعة وبالتالي كلما كانت متقنة في خطابها وعمقها وتوقيتها كانت أنفذ بين الأوساط. بالمقابل بما أن الشائعة كالنكتة تتيح تملّكها والإضافة عليها أو الحذف منها فإنها تغدو مطواعة وأكثر وظيفية من الخبر الرسمي المنشور من بوابات ومنافذ معلومة.

إلا أن الشائعة في الزمن الرقمي لا تفلت من الرصد كلياً. اذ يمكن تتبع مصدر الشائعة كالحساب الذي قذف بها إلى العالم الافتراضي للتداول وهنا يمكن مكافحتها أو عمل إشاعة مضادة. وهذا لا يتم بشكل عفوي ولكن بإرادة وتخطيط وتوفير موارد.

وخلاصة هذا المقال هي أن الخبر في يمن اليوم المحترّب هو ضحية كوسيلته التي تعرضت لضربات قاسية. وأن المناخ العام يشجع على شيوع الشائعات وعلى صناعة الإشاعات والإشاعات المضادة في بيئة ثقافية شعبية متسامحة مع رواج الخبر دون تمحيص ومحاكمة ذهنية. مع التذكير بأن الحرب أتاحت المجال للصحفي المتخفف من قيود المهنة أن ينتشر ويتكاثر إلكترونياً على حساب المهنة الصحفية الموجهة للجمهور.

 


[1]  تتواتر اخبار وفاة الفنان اليمني أيوب طارش بشكل شبه سنوي منذ العام 2013 على الأقل وهو ما يزال على قيد الحياة وأتمنى له عمرا مديداً.

[2]  مراسلون بلا حدود.

[3]  “هدف الدعاية تقديم رواية مبسطة عن العالم”، مقابلة اجراها اتيين كامبيون مع المؤرخ ديفيد كولون منشورة في صحيفة لوفيغارو الفرنسية بتاريخ 4 يناير 2019. المقابلة ترجمها كاتب هذا المقال وما تزال غير منشورة. ديفيد كولون هو مؤرخ نشر مؤخرا كتاب ” الدعاية، التلاعب بالجماهير في العالم المعاصر”، عن دار (بيلين، 2018)، يقدم فيه جذور الدعاية الحديثة، المتصلة بالأنظمة الشمولية، لكنها أيضا حاضرة في النظم الديمقراطية، بصيغ مختلفة.

[4]  محمد علي ثامر، “اسطورة الشخصية وبلاغة الاقوال والأمثال، مجلة الثقافة الشعبية، العدد 32، البحرين.

[5]  ديفيد فيتشر، “الاخلاقيات والحرب”، ترجمة أ. د. عماد عواد، عالم المعرفة، العدد 414، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، 2014. ص 30.

[6]  لا توجد إحصاءات امنية موحدة على عموم التراب اليمني لكن الأرقام الجزئية التي تظهر في كتاب الإحصاء السنوي للعام 2017 على سبيل المثال تظهر زيادة في عدد الجرائم تصل الى 10%. والنقص في المعطيات يدعي الى التعامل الحذر مع عدم اهمال نسبة الزيادة. انظر كتاب الإحصاء السنوي.

[7]  مقدمة ابن خلدون، تحقيق عبد الله محمد الدرويش، دمشق، 2004. ص 125.

[8]  عبد الله البردوني، الثقافة الشعبية، تجارب وأقاويل يمنية، دار المأمون للطباعة والنشر، 1988. ص 77.

[9]  أيمن نبيل، الباهوت الحديث: تأملات نقديّة في أسطورة الحمدي، مجلة المدنية، 10 أكتوبر 2019.

[10]   من حديث للدكتور محمد العقاري أستاذ الاعلام بجامعة صنعاء ادلى به إلى تحقيق حول واقع الصحافة العلمية في اليمن، صحيفة الثورة، 20 مايو 2013.

[11]  من أعوام يجري تداول فيديو على اليوتيوب مستقطع من قناة روسيا اليوم بنسختها الإنجليزية حول تقديرات نفطية في اليمن مفادها ان احتياطات اليمن النفطية تتجاوز احتياطات دول الخليج مجتمعة. التقرير عينه يتحدث عن مقولة لخبير اقتصادي مفادها ان احتياطيات اليمن النفطية تقارب 9 مليار برميل في حين ان احتياطات دول الخليج النفطية المجتمعة تقارب 500 مليار برميل.

اظهر المزيد

Mustafa Naji

A researcher and former Yemeni diplomat based in France.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى