This post is also available in: English (الإنجليزية)
جنازة
كان الليل قد انتصف عندما شقت جلبة وضوضاء صاخبة سكون المقبرة القديمة ..
أطلّ (الفيروز آبادي)[i] من قبره في امتعاض يستجلي الأمر !!
وعندما سأل أحدهم عما يحدث .. أخبره أن كُتّاب القصة يشيعون ــ في نشوة ــ آخر حرف في اللغة العربية.
جحظت عيناه وامتقع لونه وعاد مهرولاً محوقلاً إلى قبره.
زبيد (مايو 1996م)
وفاءٌ نادرٌ
كانت صورة ذلك الزعيم والمنظِّر الكبير ملقاة على قارعة الطريق تدوسها أقدام المارَّة دون اكتراث…
التقط أحدهم الصورة بهلع وذهول .. وراح ينفض عنها التراب ويقبلها بقدسية شديدة وهو يحدِّق فيها ويبكي بغزارة .. وقد تملكته حالة هيجان وانفعال هستيري.
وبينما كان يصرخ معنفاً المارَّة على جهلهم ومعددا مناقب الزعيم ونضالاته وفضله على الإنسانية جمعاء .. كانت يده تفتح أزرار بنطلونه ليبول على تلك الصورة بخشوع نادر وآيات التبجيل لا تفارق ملامحه.. ثم يطويها في جيبه ويرحل.
صنعاء ( أغسطس 2001م)
خالد يحيى الأهدل، من مواليد زبيد عام 1965 . الأهدل محاضر في كلية التربية بمدينة زبيد. كتب رسالته للماجستير عن الشعر الشعبي في تهامة، أما الدكتوراه فكانت عن بنية الخطاب في السيرة الشعبية للملك سيف بن ذي يزن. الأهدل رئيس فرع اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين بزبيد. و له مجموعتان قصصيتان، صدرت الأولى منهما عام 2000 تحت عنوان(حالة ولادة لمقبرة عتيقة )، وله تحت الطبع مجموعة قصصية أخرى بعنوان (غول عصري ) . والقصتان المنشورتان هنا مستلتان من المجموعة الأخيرة. الأهدل رئيس تحرير مجلة الغراء الثقافية الصادرة عن فرع اتحاد كتاب زبيد.
[i] مجيدالدين الفيروزآبادي ولد في بلاد فارس. وهو لغوي وشاعر ومحدث وفقيه مشهور. عاش في زبيد و ألف فيها كتابه المعروف ‘القاموس المحيط‘. وتوفي في زبيد سنة 817 هجرية الموافق 1414 ميلادية ، و دفن في تربة الشيخ إسماعيل الجبرتي. ولا يخفى أن القصة تشير إلى تردي حال اللغة العربية على يد بعض الكتّاب الذين يخطئون في استخدامها (المحرِّر).