صدرت الطبعة الثانية من “شرح المُشعططات السبع” لضياء الدين الذماري، تحقيق وتعليق: عباس علي السوسوة عن دار عبادي، صنعاء، 2012م، ووقعت في 131 صفحة من القطع المتوسط، ولسنا نعرف مَن ضياء الدين الذماري، وإن كنا نعرف أن اسم “عباس” يُلقّب -على العادة اليمنية- بـ”ضياء الدين”، والسوسوة لقب لعائلة علمية تنتمي إلى مدينة “ذمار” الواقعة جنوب صنعاء بحوالي مئة كيلومترا، غير أن الطُّرفة كانت سمة سائدة في الكتاب حتى تناولت اسم المؤلف! وقد جاءت الطبعة الثانية مُصدّرة بمقدمة خاصّة بها، أُشير فيها إلى بعض ما وقع من تفاعل القرّاء مع الطبعة الأولى، وجاءت أيضا مُذيّلة بـ”الشخططات على شرح المشعططات”، وهي تعليقات وقعت في ستّ صفحات للدكتور أحمد قاسم أسحم، وهو أستاذ الأدب الحديث والنقد المشارك بكلية الآداب – جامعة تعز، وقد كانت “الشخططات” مساوقة لأسلوب شرح المشعططات في الهزل والطرفة، وقد أُثبت اسم مؤلفها على غلاف الكتاب “صفي الدين الجبلي”، وهي الطريقة الطريفة عينُها التي أبهمَ بها المحقّقُ اسمَ مؤلف المُشعططات.
و”شرح المُشَعططات” كتاب فريد جدا في بنائه، فهو يجمع بين أمور متداخلة؛ أولها: الطرفة والهزل، وهذه هي السمة المهيمنة عليه، فنجد الطرفة من عنوان الكتاب إلى آخر جملة فيه، أما العنوان فـ”شرح المشعططات السبع”، و”المُشَعْطَط” في محكيات يمنية “المُمَزّق”، وهذا تناص ساخر مع عنوان معروف “شرح المُعلّقات السبع”، ولا يخفى ما للمعلقات من مكانة في التراث العربي، وأما آخر جملة في الكتاب فيُذكر فيها أن التحقيق قام على نسختين: مخطوطة ومطبوعة، وأن المطبوعة صدرت عن “دار السخافة” بمدينة “واق الواق”، ثانيها: نُتف متفرّقة تُعرّف باليمن في جوانب مختلفة؛ مثل العادات والملابس والحبوب المزروعة والعملات النقدية وشخصيات سياسية ومعلومات جغرافية وأشعار عامية وأغان حديثة وأمثال شعبية ومقولات، وكل ذلك يأتي مفرّقا في الكتاب ومع الاستطرادات الكثيرة، ثالثها: الأدب الشعبي، ويتمثل ذلك في الأنشودات السبع المشروحة، وهي التي سماها “المُشعططات السبع”، وهي أنشودات للأطفال من المأثور الشعبي (الفلكلور)، وقد اختار المؤلف إثبات تلك الأنشودات بمحكية تعز (مولد ومنشأ المؤلف)، رابعها: معلومات لغوية عن المحكيات اليمنية، فيذكر أشياء من خصائصها على مستوى الصوت والصرف والنحو والمعجم، ويأتي ذلك في شرح ظاهرة وردت في الأنشودات المذكورة أو على سبيل الاستطراد الذي يكثر في الكتاب.
أولا: الهيكل العام للكتاب
تُفتتح هذه الطبعة بثلاث مقدمات موجزة: مقدمة المحقّق للطبعة الثانية، فمقدمة المحقّق للطبعة الأولى، فمقدمة المؤلّف، وتقع كل منها في صفحتين، ثم تأتي أقسام سبعة، ويمثل كل قسم منها شرح أنشودة، ومطالعها كالآتي:
- الأنشودة الأولى، تقع في ستة أشطار مفردة، ومطلعها:
هِزَلّي يا هِزَلّي
ونزلنا اليوم نصلي
تحت رمانة كبيرة
- الأنشودة الثانية، وتقع في عشرة أشطار مفردة، ومطلعها:
تحْتِيبتِي تحتِيبَه
نزلت وادي ذيبَه
ادّي لَخي خطيبَة
- الأنشودة الثالثة، وتقع في أربعة أبيات شطرينية، ومطلعها:
عبط الله السَّلّال نزل يصلي
بالقنطرة السودا والشال بُنّي
- الأنشودة الرابعة، وتقع في أربعة أبيات شطرينية، ومطلعها:
يا قَصَبة تقصّبي
في جِحر من تقلّبي
- الأنشودة الخامسة، وتقع في عشرة أبيات شطرينية، ومطلعها:
وا نخلة نُودي نُودي سَلّمي على سيدي
وسيدي سَرح مكة وعياله وقرَ الدكة
- الأنشودة السادسة، وتقع في أربعة أشطار مفردة، ومطلعها:
- الأنشودة السابعة، وتقع في أحد عشر شطرا مفردا، ومطلعها:
سِطنّة بِطنّة
عمّتي فاطمة
وقد كُتبت الأنشودات في الهامش كتابة مقطعية، لتسهيل القراءة لمَن لا يعرف المحكية؛ ذلك أن نظام الكتابة في الفصحى الذي دوّنت به الأنشودات لا يعبّر عن طريقة نطق المحكية.
ثانيا: أنواع الطرفة
ذكرنا أن الطرفة كانت السمة العامة للكتاب، وقد كانت الاستطرادات الكثيرة والخروج من موضوع إلى آخر بدرجات مختلفة من المناسبة جزءا من الطرفة والهزل، ومن جهة أخرى كان موضوع تلك الاستطرادات جزءا آخر للتندر والطرافة، وكثيرا ما يُصدّر ذلك بكلمة بارزة؛ مثل “فائدة” وهي أكثر ما استعمله لذلك، وربما قال “لطيفة” (ص94)، و”طريفة” (ص68)، و”زيادة” (ص45)، و”حكاية” (ص95)، و”استطراد” (ص27)، و”نادرة” (ص21)، وأخيرا تأتي ذروة الهزل حينما تكون كلمة التصدير “مش فائدة” (ص107)، وتلك الاستطرادات نفسها قد جعلت المؤلّف يفتتح بعض الفقرات بما يدل على العودة إلى الموضوع الأصلي على طريقة الشرّاح في التراث؛ مثل “رجع إلى الكلام السابق” (ص94)، أو “عود على بدء” (ص89)، وربما ذكر الموضوع العائدة إليه؛ مثل: “عود إلى القاع” (ص45).
ومن الموضوعات التي وقع الاستطراد إليها الأغاني اليمنية والعربية، فيرد في المتن المشروح (الأنشودة الطفولية) ذِكر “اليَمين”، فيذكر الشرح حكم اليمين من دون ضرورة شرعية موجبة، ثم يذكر أن المُغنّيين قد استخفّوا باليمين، ويعدّد منهم عربا ويمنيين ويقرنهم بما ورد في أغانيهم من الحلف (ص36-37)، ويأتي ذكر “الرُّمان” في المتن، فيذكر أن أغاني الشرقيين قد امتلأت بذكر الفواكه والخضروات مما يدلّ على ولعهم بالأكل، ثم يعدّد ذلك بشواهده (ص16-17)، ويرد “السلام” في المتن، فيذكر أنه ليس هناك لفظ أكثر من “السلام” يتكرّر في الأغاني، ويعدّد ذلك بشواهده (ص72-73)، ويرد ذكر أحد أيام الأسبوع في المتن، فيذكر ما جاء من مثل ذلك في الأغاني اليمنية والعربية، ويقرنه بأعمال أخرى؛ مثل “حديث الأربعاء” لطه حسين، وفلم أمريكي “يوم الأحد الدامي”، وفلم مصري “ليلة الجمعة” (ص88-90).
ومن جوانب الطرفة عنواناتُ الكتب وأسماء مؤلفيها التي يُحال إليها، وقد بلغت أكثر من ثلاثين عنوانا؛ فمنها ما جاء تحويرا لشيء من القديم؛ مثل “الأغاني” للأسفهاني (ص61)، و”الإكمال” لابن كوكا كولا (ص18)، ومنها ما تكون فيه السخرية في اسم المؤلف؛ مثل “سراج الملوك” للطرطوري (ص51)، ومنها ما يكون في العنوان واسم المؤلف؛ مثل “صراخ الباعة في وصف الدقائق والساعة” لحمارنة (ص62)، و”بسمة الحمار في فضائل أهل ذمار” لأبي الخفقان الهذياني (ص14)، ونلحظ في العنوانين الأخيرين السجع على غرار العنوانات التراثية، ومما جاء على ذلك “الكم والكيف في مخازي أحمد سيف” (ص45)، و”رائحة الحمام في مناقب ابن سلّام” (ص60)، وقد أهمل ذكر مؤلّفَي الكتابين السابقين، وربما قام السجع بين المؤلف والعنوان؛ مثل “رحيق العدار” للحاج أحمد المحضار (ص35) و”الفجور في الأيمان” لمحيي الدين غمضان (ص38)، وفي سياق ذكر عادات الملابس والتزيّن باليمن، يظهر كتاب ذو عنوان مسجوع منسوبا إلى مصمم أزياء فرنسي معاصر “البَعَر في إطالة الشعر” لبيير بن كاردان (ص114)، وغير مسجوع “الزي المليح” للمؤلف نفسه (ص53).
ومن جوانب الطرافة والإضحاك ما ورد من الأخبار الطريفة التي يذكرها المؤلف من عصره وبيئته وأحيانا بروايته الشخصية، ومن ذلك قصة الضَّيفينِ اللذينِ قطع أحدهما على صاحب البيت قضاء وطره من زوجته، فأصبحوا محرومين من الصبوح (ص41)، ومدير الشرطة الذي أخرج الموزة من فم المفطر في رمضان بسنارة (ص19)، والمدرس المصري الذي قال لبائع يمني: “لا، دنتَ صعب قوي” (ص61)، والصعب في محكيات يمنية “الحمار”، ومدرس آخر طلب “الفتلة”؛ أي الخيط، (ص61)، والفتلة في محكيات يمنية تعني “القوادة”، والرجل الذي يدعوه أحد أشهر الأثرياء وهو صاحب مصانع لبن، فيسأله الرجل وقت الإفطار: “هذا لبن طبيعي، ولا من حقكم المصانع؟” (ص80)، وقريب من ذلك ما ذكره من طرائف عن شخصيات سياسية يمنية؛ مثل ما ذكره عن أول رئيس للجمهورية: عبد الله السلال (ص50-51)، وما وقع بين الحمدي (من رؤساء الجمهورية) والعلفي (ص38).
ومن لطائف الاستطراد أن يرد ذكر “العِنقاد” فيذكر أنه “العنقود”، ثم يترجم لأربعة كلهم باسم أحمد عنقاد، وجلّهم من هامش الحياة، منهم فراش بمدرسة النجاج الابتدائية، وآخر بائع حلويات للأطفال، وثالث يعمل زفّافا (نشّادا) في الأعراس، ثم يختم بقوله: “هؤلاء هم العناقد الأربعة المشهورون في كتب الأدب والتاريخ” (ص18-19).
ثالثا: في المحكيات اليمنية
ذكرنا أن الكتاب في الأصل شرح لسبع أنشودات من التراث الشعبي، فهو قبل كل شيء شرح لعدد من النصوص اللغوية، ومن هنا كثر في الشرح بيان ما ورد في تلك الأنشودات من ظواهر في المحكيات اليمنية، فمن ذلك ألفاظ الهراء اللغوي مما ورد في الأنشودات؛ مثل “هزلي يا هزلي” (ص23)، و”تحْتِيبتِي تحتِيبه” (ص33)، و”حايا بايا” (ص67)، و”سطنة بطنة” (ص110)، ومن ذلك كسر حرف المضارعة في أغلب المحكيات اليمنية (ص15)، ووقوع “إلا” بمعنى “بلى”، واستعمال “إلا” في اللوم والتقريع (ص41)، وما جاء على وزن “مَفْعَلة” من أسماء الآلة وأسماء المكان والصفات (ص42)، وأمثلة من الاشتقاق من الجامد في المحكيات اليمنية (ص66)، ونطق “عبد الله” بالطاء “عبط الله” في كثير من المحكيات وسببه (ص47)، وإدغام ما قبل الهاء فيها في نحو “يضربها” في محكية صنعاء (ص63)، ووقوع الأسماء مضمومة الآخر في محكيات التهايم (ص79)، وقوع علامة التأنيث في نهاية الأفعال “هاء” في محكيات؛ مثل “فلانة خَرَجَه” (ص111)، ووقوع وزن “مُفاعَلَة” في محكيات غير دال على اشتراك الطرفين في الفعل (ص43)، ما لا يرد إلا بصيغة المبالغة من الصفات، مثل “فَسّاي” (ص69)، وتعدد أسماء “الهِرّ” في المحكيات اليمنية (ص32)، أنواع من لزوم صفة المؤنث للتذكير في محكيات؛ مثل “سيارة روسي”، “مَقرمَة حرازي” (ص43).
ونحن ندرك أن بعض تلك الظواهر يأتي ذكرها في الكتاب إشارة عابرة، أو يُذكر لها مثال أو مثالان، ونرى أنه ليس في وسع الكتاب إلا مثل تلك الإشارات، وتلك طبيعة الكتاب، غير أن تلك الإشارة العابرة قد تلفت النظر عند متخصّص مهتم ليجمع ما جاء على بابها.
ومما يكثر في الكتاب ذكر أمثال يمنية وشرح معناها؛ مثل “إذا كان بيت الله بيوَطِّل، فأين الكِنان؟!” (ص99)؛ أي: إذا كان المسجد يتسرّب إليه المطر فأين الاحتماء؟!، و”شكروا الدمّي خري بين الطحين” (ص34)؛ أي: مدحوا الهِرّ فتبرّز في الطحين، ومنه “ساع الدمي ياكل وينكر” (ص32)؛ أي: مثل الهرّ، ومنه “وَطَّيتها وسَبَرَن” (ص103)، وهو من الأمثال التهامية، أي: فعلتُها وصَلحتْ، ومنه “مُطَلّب وعيون حُمْر” (ص63)، أي: شحّاذ ومتجهّم، و”بيت معمور ولا قرية خراب” (ص40).
ومن ذلك الكنايات؛ مثل وصف الرجل بأنه “جَرَّ الزَّلَط” (ص64)؛ أي أخذَ المال، وهي كناية عن الجماع، و”ضاعت الصَّعْبة” (ص54)؛ أي ضاعت الأتان، وهو كناية عن التخبّط والحيرة الشديدة، و”حق ابن هادي” (ص32)، وهي الرشوة، وشرح بعض التعبيرات؛ مثل “حَلَف عليه” (ص38)؛ أي دعاه إلى غداء، و”اليمين الزبيرية” (ص38)، وهي اليمين الفاجرة، و”عساكر فاطمة” (ص114)، وتقال للجند الضعفاء المتخاذلين، ومن ذلك “اكْرُظه يا محمد” (ص39)، وتقال لمن تحدثه طويلا وتشرح له طويلا ولكنه لا يفهم، و”فلان في جِحْر الحمار” (ص66)، أي في أسوأ الضيق والمشاكل، “فلان قُفْل” (79)؛ أي: أبله لا يدخل في ذهنه شيء، و”أعوج سبر” (ص103)، أي: صلُح أمره بعد فساد.
رابعا: ملاحظات نقدية
مهما بلغ إعجابنا بكتاب ما واعترافنا لصاحبه بالفرادة والإفادة والإمتاع، يظل هناك ما يمكن أن تختلف فيه وجهات النظر، وهو اختلاف لا يقتضي تقليلا من جهد صاحب الكتاب، وهي من جهة أخرى متعلقة بقضايا لسانية:
- ذُكر في شرح الأنشودة الثانية أن “لبِي، لمِّي، لخِي” أصلها “لأبي، لأمي، لأخي” وسُهّلت الهمزة (ص26)، وذكر أيضا في الأنشودة الخامسة مثل ذلك، وهو أن “يصحابنا” أصلها “يا أصحابنا”، فسُهلت الهمزة (ص85)، وهنا ملحوظتان؛ الأولى: أن الألف في تلك الكلمات تنطق في بدء الكلام وتُهمل في درج الكلام، فتهمل في مثل “رقد اخي” وتُنطق في مثل “أخي رقد”، فهي في حكم همزة الوصل في الفصحى، وليست مهملة بالكلية لنُطلقَ وصفها بالتسهيل، وينبني على ذلك أمر آخر، وهو أن الأولى كتابتها بنظام همزة الوصل في الفصحى “ابي، امي، ابي، اصحابنا”، وهو خلاف ما اختير في شرح المشعططات، الثانية: ذُكر أن “لبِي” أصلها “لأبي”، وأن “يصحابنا” أصلها “يا أصحابنا”، وأن الهمزة سُهّلت في ذلك، والقول إن صيغة ما من محكية يمنية معاصرة أصلها صيغة أخرى من الفصحى – هذا القول يفترض أن الفصحى كانت حالة تاريخية لتلك المحكية اليمنية، مع أن واقع الأمر أن المحكية اليمنية تنتمي بتاريخها إلى جنوب الجزيرة العربية (العربية الجنوبية). أما الفصحى فلها شأن آخر، فمن جهةٍ اختلف في أصل الفصحى؛ أهي لغة أدبية مشتركة أو هي لغة قريش، وثمة أقوال أخرى في تشكّلها، ومن جهة أخرى تنتمي -بالجملة- إلى مناطق وسط الجزيرة العربية (العربية الشمالية).
- ذُكر في الأنشودة السابعة أن “نزلَ الوادي” أصله “نزلت الوادي”، لكنها جاءت على محيكة تُبدل تاء التأنيث هاء (ص11)، وفي هذا ما قد قيل في تأصيل المحكية اليمنية بمقارنتها إلى الفصحى، ويُضاف إلى ذلك أن علامة التأنيث لا تكون هاء مطلقا، بل تكون هاء خفيفة في الوقف، وتكون فتحة في الوصل، فتكون هاء خفيفة في مثل “فلانة نزلَه”، وتكون فتحة في مثل “نزلَ فلانة”.
- ذُكر في الأنشودة الثانية أن “إلا” أداة استثناء، ولكنها قد تخرج إلى معان أخرى، فمن ذلك استخدامها بمعنى بلى وأجل … وتسخدم بمعنى اللوم والتقريع (ص41)، وليس الانتقاد إلا على طريقة التعبير “قد تخرج” التي ترد عند النحاة التقليديين العرب؛ مثل ابن هشام في المغني، فمثل هذا التعبير يُفهم منه أن الاستثناء حالة أصلية لـ”إلا” وأنها نفسها تخرج إلى معان أخرى، ونرى أن الأولى أن تُقدّم جميع معاني “إلا” استقلالا، ويمكن أن يستعمل وصف “كثير” للمعنى الأكثر استعمالا فيها.
- جاء في الأنشودة الثالثة “عبط الله السلال *** نزل يصلي” (ص47)، وقد ذُكر في الشرح أن أصله “عبد الله” وأن هذا العَلَم يُنطق بقلب الدال طاءً عند أكثر من نصف سكان اليمن تقريبا، ولكن محكية “تعز” لا تنطقه بالطاء بل بالدال، وقد صُرّح في مقدمة الشرح أن الأنشودات ستكتب بالمحكية التعزية، ونرى أنه ينبغي أن يُبيّن للقارئ سبب كتابته في الأنشودة بما ليس من لهجة تعز، ونرى أيضا أن الطريقة التي اتبعت تدعو القارئ أن يظن أن محكية “تعز” تقول “عبط الله”، ومثل ذلك أنه جاء في الأنشودة الخامسة “والدكة تشتي قفلو *** والقفلو عند النجار” (ص71)، وإلحاق الضمة في أواخر الأسماء “قفلُ، ديكُ، مرقُ” هي محكية التهايم باليمن كما ذُكر في الشرح نفسه (ص79)، وليست هذه السمة في محكية “تعز”، وفي الموضع نفسه جاء “والقفلو عند النجار”، والمعروف أن وجود الضمة في أواخر الأسماء -في محكية تهامة- يقتصر على ما لم يُسبق بأداة تعريف، وقد ذكر هذا في الكتاب (ص128)، ونرى أنه ينبغي أن يبيّن للقارئ سبب كتابته بما ليس من لهجة تعز.
ونؤكّد ختاما أن “شرح المشعططات السبع” كتاب في الأدب فريد الصفة، منقطع النظير في الإمتاع، فهو يحوي المعلومة اللغوية والتاريخية والطرف المتنوّعة، ويُعد وثيقة عن عصر المؤلّف في مجالات كثيرة من الفضاء اليمني.