This post is also available in: English (الإنجليزية)
يقال في المثل الشعبي ” نجوم السماء أقرب لك…” في إشارة إلى بُعدِ منال شيء ما. لكنَّ النجوم أصبحت متاحة لعدسة المصوِّر اليمني أكثر من أماكن قريبة منه في بلده؛ نظرا لتدهور الأوضاع الأمنية وتقلص حرية الصحافة والنشر. فقد تكون صورة عادية، في ظل الصراع في اليمن وفقدان الثقة، سببا في ضرب لاقطها، أو إهانته، أو دخوله غياهب السجون، أو فقدانه حياته. ومع ذلك، فإنَّ الأمر في موضوع تصوير النجوم يتعدى هذا الجانب السياسي والأمني الآني إلى جوانب رومانسية وعقدية وفكرية قديمة قدم الإنسان.
كانت النجوم والكواكب في بعدها السحيق، مع إمكانية رؤيتها، ملهمة للزعماء الروحيين، وللمنجمين، وللشعراء، ومثيرة لتساؤلات الفلاسفة، وعلماء الفلك، وعلماء الفيزياء. الشاعر العربي القديم امرؤ القيس طالت عليه ليلة من لياليه حتى تخيل نجوم ذلك الليل الثقيل مشدودة بحبال وثيقة إلى حجارة صماء لا تتحرك من مكانها ولا تأبه لشاعرنا القلق المهموم. فخلد لنا ذلك في صورة شعرية بديعة.
كأن الثريّا علّقت في مَصامها بأمراس كّتّان إلى صًمّ جندَلِ
والنجوم عندي أبي العلاء المعري المتشائم رماح حادة مصوبة تجاه جميع الموجودات فوق الأرض تطعنها وترديها.
كأنَّ نجوم الليل زرق أسنَّةٍ بها كلُّ مَن فوق التراب طعينُ
وغير هذين الشاعرين شعراء وفنانون وفلاسفة من ثقافات متعددة وأزمنة مختلفة ثبتوا مشاعرهم تجاه النجوم والكواكب في صور خالدة. ومن هؤلاء، على سبيل المثال فقط، فیلسوف الآخلاق الألماني إيمانويل كانط الذي يقرن بين النجوم ومبادئه الأخلاقية الداخلية. يقول:
” شيئان يملآن قلبي دوماً بالإعجاب والخشوع: السماء المرصّعة بالنجوم فوق رأسي والقانون الأخلاقي في ضميري”.
وفي العصر الحديث قرّبت آلة التصوير الأفلاك البعيدة وثبتت لحظات من دوراتها الزمنية الخالدة. المصوِّرون كالشعراء قد يجدون شيئا مما يجول في خواطرهم في حركة أمن حركات أجزاء هذا الكون أو سكنة من سكناتها.
المصوّر المبدع عبدالله جمال وجد في هذا النوع من التصوير ما يحقق له سلامه الداخلي بعد أن ضاقت الأرض بما رحبت على مصوري هذا البلد نتيجة الاختلالات الأمنية وخطورة حمل الكاميرا في الكثير من الأماكن.
ينتقل عبدالله جمال بالمتلقي من الطبيعة في أبعادها الكونية المختلفة إلى حالات من التجريد تتلبس مشاعر الإنسان و أفكاره. النجوم بصورة خاصة، بالنسبة لعبدالله، عشقٌ قديم. جمالُ لمعان النجوم المخترق لأسجاف الظلام الدامس أمرٌ كافِ، كما يقول عبدالله، لتحقيق حالة من السلام تنتظم الكون الداخلي والكون الكبير الخارجي.
عبدالله جمال عبدالله: أحد أبناء مدينة عدن يعمل في مجال التصوير الفوتوغرافي والفيديو منذ العام 2012. ولديه خبرة في مجال الإخراج التلفزيوني إلى جانب كونه مدرِّبا لفنون التصوير. يتنوع منتج عبدالله جمال التصويري الفني ضمن موضوعات تشمل: الأوضاع الإنسانية في اليمن، وتصوير المناظر الطبيعية القريبة والبعيدة، وتصوير الأشخاص.
المقال المصور: