المجتمع المدنيالنساء والنوع الاجتماعي

يمنيات يواجهن التحديات وينشئن مشاريعهن الصغيرة

This post is also available in: English (الإنجليزية)

تتسم بيئة الأعمال  في اليمن بكونها الأكثر تعقيداً وكانت إلى وقت قريب حكراً على الرجال دون النساء، إلا أن  المرأة اليمنية استطاعت أن تدخل هذا المجال بقوة وتمكنت من اثبات وجودها في فترة قصيرة رغم العادات
.والتقاليد التي تعرقل جهودها والعوائق والصعوبات الكثيرة التي تعترضها
و قد استطاعت العديد من النساء التغلب على تلك الصعوبات وإنشاء مشاريع صغيرة خاصة بهن في منازلهن، وإنْ
.كان ذلك  بإمكانيات بسيطة نظراً للظروف الاقتصادية الصعبة
سماح القدسي، صانعة حلويات ومعجنات، هي إحدى النساء اللاتي واجهن صعوبة في إنشاء معمل خاص
.للحلويات؛ فقد عمدت إلى تأسيس معملها الخاص في منزلها الكائن في العاصمة صنعاء
بدأت فكرة القدسي بإدراة مشروع صغير من منزلها، بعد أن لاقت تشجيعاً كبيراً من صديقاتها اللاتي شجعنها انطلاقا
.مما تمتلكه من مهارات في صناعة المعجنات والحلويات
وتقول القدسي، وهي أم لثلاثة أطفال، “اعتدنا أن يكون عمل المرأة محصوا في تلبية الاحتياجات المنزلية للزوج والأولاد فقط، ولم يكن سائداً أن تبدأ المرأة مشروعها الخاص وتكسر المثل اليمني الشهير “البيت المرة” لتصبح
.”صاحبة مشروع وتفكر بطريقة تجارية تحسن من خلالها مستوى دخلها
بدأت القدسي مشروعها منذ نحو ثلاثة أشهر من خلال شراء الاحتياجات الخاصة بعمل الحلويات بميزانية تشغيلية
بسيطة، ومن ثم قامت بتوزيع الكروت الخاصة بها في الحفلات والمهرجانات، واستطاعت جذب العديد من
.العملاء
وتقول القدسي “أعد الحلويات والمعجنات وقد ساعدني على ذلك أكثر اشتراكي بالمهرجانات الخاصة التي تقيمها
.”بعض المؤسسات لتشجيع رائدات الأعمال اليمنيات
استطاعت القدسي من خلال مشروعها الصغير تحسين مستواها الاقتصادي وأصبحت العائل الرئيسي لأسرتها
.خصوصا بعد توقف راتب زوجها منذ نحو ستة أشهر بسبب الحرب التي تشهدها اليمن منذ أكثر من عامين
وتضيف “يجب على كل امرأة أن تكسر الحاجز الذي صنعه المجتمع وتبدأ بتنفيذ مشروعها وتطوير المهارات التي
.”تمتلكها، حتى وإن كان المشروع صغيراً فسيكبر مع مرور الوقت طالما أن الإرادة موجودة
إلى جانب القدسي، هنالك العديد من النساء اليمنيات اللاتي بدأن عملهن من المنزل ونجحن في إدارة مشاريعهن
.وصولاً إلى تأسيس عدة محال تجارية

 الصورة بإذن من وكالة تنمية المنشئات الصغيرة والأصغر الصورة بإذن من وكالة تنمية المنشئات الصغيرة والأصغر

.إيمان معجم، سيدة أعمال يمنية، بدأت مشوارها في ريادة الأعمال من خلال التجارة عبر مواقع التواصل
.الاجتماعي على الانترنت واستطاعت جذب العديد من العملاء
طورت معجم عملها واستطاعت افتتاح محل تجاري عام 2011، واسمته (ايمي فاشن) وخطوة بخطوة واصلت معجم
.طريقها حتى أصبحت تملك حالياً مجموعة محال تجارية ومؤسسة تنموية لتمكين المرأة اقتصادياً
وتقول معجم “بدأت مشروعي من خلال استيراد منتجات خاصة بالمرأة كالملابس و الإكسسوارات وأدوات التجميل من خارج اليمن، وبيعها وترويجها عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت، واستطعت كسب
.”ثقة العديد من العملاء وطورت مشروعي خطوة بخطوة وصولاً إلى إنشاء مجموعة محال تجارية
وتؤكد معجم أن المرأة اليمنية استطاعت أن تثبت نفسها في شغل العديد من الوظائف، إلا أن الأمر يختلف عندما
.يتعلق بقيام المرأة بإنشاء مشروعها الخاص، حيث تواجه العديد من الصعوبات
.”وتضيف “الدعم المعنوي من قِبَل المحيطين بالمرأة يساعدها بشكل كبير على اجتياز تلك العقبات
لم تكتفِ معجم بفتح مشروعها الخاص، بل أقامت عدة مهرجانات خاصة بدعم النساء اللاتي يملكن مشاريع
.صغيرة
تقول معجم “أقمت حتى الآن أربعة مهرجانات كي أمكِّن النساء اللاتي يملكن مشاريع صغيرة، من عرض أعمالهن
.”ومنتجاتهن، وليتمكنَّ من كسب الزبائن وإشهار مشاريعهنّ على نطاق واس
وبحسب معجم، فقد شاركت أكثر من 150 امرأة في كل مهرجان تمت إقامته، واستطاعت أكثر من 50 امرأة
.توسيع مشروعها  الخاص بعد ذلك
وتنشط المرأة اليمنية في صناعة الملابس والصناعات الغذائية، كما تنشط في المجال الصحي وصناعة التحف والهدايا وصناعة البخور، حيث انتشرت العديد من المحال التجارية المتوسطة والصغيرة في العاصمة صنعاء وفي عدة محافظات يمنية أخرى، مثل محلات الحلويات، ونقش الحناء، والخياطة، أو محال صناعة البخور والعطور، إضافة إلى
.العيادات والصيدليات التي تديرها نساء 

تمكين المرأة اقتصادياً

واستطاعت المرأة اليمنية المشاركة بشكل فاعل في مجال الأعمال وحققت نجاحات متميزة. ولتعزيز هذا النجاح ورفد النساء اليمنيات بالمهارات اللازمة لإدارة مشاريعهنَّ، جاء برنامج مالكات المشاريع (وبوت) لتطوير مهارات النساء
.وتمكينهنَّ اقتصادياً
وبرنامج مالكات المشاريع هو برنامج خاص بالمرأة اليمنية بدعم من الوكالة الألمانية للتعاون الدولي، واعداد وتصميم منظمة العمل الدولية وتنفيذ وكالة تنمية المنشئات الصغيرة والأصغر، حيث تم تكييفه من قبل خبراء يمنيين لرفع
.القدرات الإدارية والسلوكيات الريادية لدى النساء اليمنيات
وتقول بثينة الصباحي، ضابط مشروع مالكات المشاريع (وبوت) في وكالة تنمية المنشآت الصغيرة والأصغرإنَّ المرأة
اليمنية تحتاج إلى تمكينها اقتصادياً لتنهض وتكون قادرة على أن تعول أسرتها وتلبي احتياجاتها وتعزز أعمالها الأساسية
.ومهاراتها الإدارية وتصل إلى حياة أفضل تكفل لها مستقبلاُ مزدهرا
وأشارت الصباحي إلى أنَّ هذا البرنامج يساهم في تطوير الفرص المدرة للدخل لتمكين النساء مالكات المشاريع
.البسيطة وذوات الدخل البسيط إلى الانتقال الى نشاط مدرٍّ للربح
ويعمل المشروع على صقل المهارات الإدارية والسلوكيات الريادية التي تناسب مالكة المشروع لتطوير مشروعها. و”يستهدف المشروع النساء مالكات المشاريع أو الراغبات في ممارسة العمل الحر وهنَّ اللاتي تكون لديهنَّ الرغبة في
.”فتح مشروع دون أن  يملكن مهارات  لتحقيق ذلك
وتضيف الصباحي “لدى بعض النساء رغبة كبيرة في فتح مشاريعهنّ الخاصة ولديهنَّ المهارة ولكن لا يعرفنَ كيف يبدأنَ ذلك. نحن نعمل على تدريبهنَّ في تكوين فكرة المشروع ودراسة السوق والمنافسين واحتياجات العملاء وتنفيذ
.”المشروع بكل أساسياته
وأوضحت أنَّ المشكلة الرئيسية التي تواجه النساء هي عدم قدرتهنَّ على سداد القروض التي يأخذنها من مؤسسات التمويل “بسبب نقص خبراتهن الإدارية حيث يفتتحن مشروع ولا يعملن على تطويره وهو ما يؤدي إلى فشل
.”المشروع في نهاية المطاف
وأكدت الصباحي أن برنامج وبوت يتابع جميع النساء المستهدفات لتطوير مشاريعهن وإعطائهن الاستشارات الضرورية (اونلاين أو عن طريق لقاء المستشارة)، مضيفة أن البرنامج درب 1735 سيدة في أكثر من 15 محافظة
.منذ بدء الحرب عام 2015 حتى شهر آذار/ مارس من العام الجاري
وذكرت الصباحي أنه تم إعداد استراتيجية ديمومة مع المؤسسات الشريكة من أجل الاستمرار في تدريب النساء، بحيث
.أصبح المنهج متاحا لأي امرأة، وبإمكان النساء الالتحاق بالتدريب كأي دورة أخرى بمبلغ مادي زهيد
وبالرغم من الظروف الصعبة التي تمر بها اليمن، وفي ظل الحرب وتحت القصف الجوي والاشتباكات المسلحة منذ
.بداية الصراع، فقد أكدت الصباحي أن النساء كن يحضرن للتدريب الخاص بالبرنامج وكانت نسبة الحضور ٪99
وتتابع “هناك رغبة وإصرار من النساء على العمل وعلى الحصول على المعلومات التي ستمكنهنَّ من تنفيذ وتطوير
.”مشاريعهنَّ وتحسين مستواهنَّ الاقتصادي والاجتماعي وهذا بحد ذاته انجاز وفخر للنساء اليمنيات 

 الصورة بإذن من وكالة تنمية المنشئات الصغيرة والأصغر الصورة بإذن من وكالة تنمية المنشئات الصغيرة والأصغر

تذليل الصعوبات

وإضافة إلى الرفض المجتمعي لدخول المرأة عالم الأعمال نتيجة العادات والتقاليد المجتمعية، تواجه المرأة اليمنية معوِّقات أخرى أبرزها الفقر وصعوبة الحصول على التمويل وعدم امتلاك العديد من النساء اثبات الهوية الشخصية
.للحصول على التمويل
ويقول سامح الحكيمي، مدير التمويل الصغير والأصغر في بنك الأمل: ” إنَّ مطالبة النساء بإحضار اثبات الهوية يمثل إحدى  التحديات الصعبة التي تواجهها المرأة عند توجهها إلى بعض مؤسسات وبنوك التمويل، كون البعض منهنَّ لا
.”يملكنَ اثبات هوية، وأسرتها لا تساعدها في الحصول عليها
وأوضح أن بنك الأمل حاول مساعدة النساء لاجتياز هذه المشكلة، من خلال تبني منهجيات جديدة تساعد النساء
.في الحصول على القرض حتى في حال عدم امتلاكها هوية شخصية
وأضاف الحكيمي “بإمكاننا أن نقبل وثيقة تعريفية من عاقل الحارة أو شيخ المنطقة ، ونقدم للنساء القرض الذي  يحتجنه تحت السقف المحدد وهو 30 ألف ريال يمني؛ أيْ ما يقارب (100دولار أمريكي) كحد أدنى و10 مليون
.”كحد أقصى
وأوضح بأنهم يقدمون الخدمات غير المالية أيضاً عن طريق مؤسسة الأمل، من خلال رفع قدرات خبرات العملاء كإعطاء دورات في محو الأمية ودورات تساعد العميلة على إدارة نشاطها الإقتصادي، و من ثم يتم تقديم الخدمات
.المالية لها
وبحسب الحكيمي فقد استطاعت المرأة اليمنية، لا سيما خلال هذا العام، أن تقطع شوطاً كبيراً في مجال ريادة الأعمال ومواجهة كافة التحديات، حيث أن هناك نحو 129 ألف مستفيد حاصل على التمويل من بنك الأمل، تمثل
.النساء 35% من هذا العدد

 الصورة بإذن من وكالة تنمية المنشئات الصغيرة والأصغر الصورة بإذن من وكالة تنمية المنشئات الصغيرة والأصغر

وتجدر الإشارة إلى أنَّه نتيجة للصراع الدائر في اليمن قد توقف دفع رواتب موظفي القطاع العام منذ عدة أشهر، كما توقفت الكثير من المؤسسات عن العمل، إلى جانب  تفاقم الصعوبة في الحصول على وظائف في القطاع الخاص
.كلُّ هذادفع النساء بشكل كبير إلى فتح المشاريع الصغيرة والأصغر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى