أدب

نصائح الكتابة

This post is also available in: English (الإنجليزية)

العمل الفني لمارية العجيلي

ألتقي بين حين وآخر بأدباء شبان يطلبون نصائح بشأن الكتابة. كذلك أتلقّى رسائل كثيرة حول هذا الأمر إلى درجة لافتة للنظر. أتذكر بصفة خاصة طالبة دراسات عليا قالت إنها تريد الاتجاه إلى كتابة الأدب، ولكن أصدقاءها وصديقاتها أخبروها أن ما تكتبه ليس سوى خواطر إنشائية وليس أدباً.. أرسلت لي نماذج من كتاباتها وطلبت معونتي، وعندما قرأت ما بعثه إليّ، أدركتُ أن عليّ البدء من الصفر، وأول شيء طلبته منها هو أن تخترع شخصية وتُسقط مشاعرها الخاصة على هذه الشخصية الخيالية، قالت إن مشاعرها صادقة وليست بحاجة إلى أن تتخفى خلف قناع! أخبرتها أن هذا القناع هو الذي يُضفي على الكلمات صفة “الأدبية”.. تتابعت المراسلات فيما بيننا، وأحسبها أحرزت تقدماً.

أحد أكثر الأسئلة شيوعاً يتعلق بحبسة الكتابة، وسوف أدرج في الفقرات التالية نصائح بسيطة قد تساعد في التخلص من حبسة الكتابة وسواها من المشكلات التي تعترض سبيل الشاب الموهوب:

  • عندما تذهب لتكتب قل لنفسك إنك تريد كتابة سيئة! وحينئذٍ سيكف عقلك الواعي عن المقاومة، وتنطلق في كتابة أيّ هراء.. لكن لاحقاً، ربما بعد عدة دقائق من الكتابة، أو حتى بعد عدة جلسات سيتدخل العقل الباطن ويتجاوب معك، ويعطيك كتابة جيدة.
  • السر الذي يحتفظ به الكُتَّاب الناجحون:

الكتابة الجيدة لا تأتي من العقل الواعي، ولكن من العقل الباطن. العقل الواعي يشترط عليك شروطاً جمالية تعجيزية، فتجد نفسك عاجزاً عن الكتابة.. عليك مراوغة عقلك الواعي، وهذا يشبه مراوغة لاعب مهاجم للاعبي خط الدفاع، وبعدها سوف تسجل أهدافاً رائعة.

العمل الفني لمارية العجيلي
  • نحن لا نختلف في شيء عن الرياضي الذي يتدرب بانضباط صارم ليحافظ على لياقته البدنية، فالكاتب الذي يتدرب يومياً على الكتابة سيتمكن من المحافظة على أسلوبه الأدبي.
  • القراءة اليومية.
  • استخدم دفتر خاص لتدوين الملاحظات.
  • درب نفسك على رسم الشخصيات واحتفظ بها، وأسس بنك الشخصيات.
  • لا تخرج عن موضوع قصتك.
  • أعد كتابة قصتك وسوف تكتشف الفرق.
  • كن محايدا.
  • ركز على تطوير أدواتك الفنية.
  • تجنب اللغة الخشبية المتداولة – الإكليشيه- وابتكر لغتك الخاصة.
  • في القصة القصيرة ركز على الحدث، وفي الرواية ركز على الشخصية، وفي المسرحية ركز على الحوار.
  • استعن بأصدقائك لإبداء الملاحظات وتطوير قصتك.
  • لا تنشر قصتك قبل تصحيحها من الأخطاء الإملائية والنحوية.
  • تجنب الرضا عن العمل الذي كتبته، وقرر تجاوز نفسك والكتابة بصورة أجمل في المرة القادمة.
  • اشترك في نقاشات حول الأدب حتى آخر يوم في حياتك.
  • تجنب الكتابة للجوائز لأنها تفسد الأسلوب، اكتب للقراء هذا يجعل أسلوبك أفضل.
  • أنت لست في سباق مع الآخرين، أنت في سباق مع نفسك فقط.
  • علق نصيحة همنغواي كقرط ذهبي في أذنك: “لا تكتب كل ما في ذهنك دفعة واحدة، ولكن ادَّخر شيئاً من عصير الكتابة لليوم التالي”. وإذا اتبعت هذه النصيحة فلن تُعاني مطلقاً من رهاب الورقة البيضاء مع بزوغ شمس كل يوم جديد.
    العمل الفني لمارية العجيلي
  • يثير شهوتي أن أكتب وفي ذهني أسئلة تؤرقني.. هكذا تصبح الكتابة أداة للبحث عن أجوبة، فالعقل الواعي لا يعرف هذه الأجوبة، ولكن أثناء الكتابة قد يتدخل العقل الباطن ويمدني بلمحات وإشارات إلى (الحقيقة).
  • من حق القارئ أن يستمتع بالنص، فهو لا يقرأ كتاباً علمياً جافاً، بل يقرأ أدباً، والأدب الجيد يخلق نشوة روحية تطرب لها الحواس وتتطهر بها النفس، فيتهذب السلوك وتسمو المشاعر.
  • في البدايات كنت أختلقُ الشخصيات من خيالي، ولكن بالتدريج فهمت أنني كنت أخلق شخصيات ورقية مستمدة من تأثير قراءاتي للروايات العربية والأجنبية. ولكن عندما اتجهتُ إلى ملاحظة أشخاص من الواقع وتدوين الملاحظات عنهم ثم مزج شخصياتهم داخل حكاية أدبية، فقد شعرتُ أن ما أكتبه صار أفضل.
  • الروائي الموهوب هو من يمسك بالواقع غير المرئي للعيون ويجعله مرئياً للقارئ. إنه واقع مختلف جذرياً عن الواقع الزائف الذي تُظهره وسائل الإعلام المتحيزة، وعن الواقع السطحي الذي يطفو في مواقع التواصل الاجتماعي وثرثرة المقاهي والصالونات، إنه واقع مُصفَّى من الشوائب كسبيكة ذهبية من عيار 24.
  • الأديب والفنان هو شخص قرر أن يتنازل بإرادته عن سعادته الشخصية ويعاني لكي ينجح فعلاً في إبداع شيء جديد. إن خلق عمل فني جيد يحتاج من مبدعه إلى استبعاد متع كثيرة من حياته.. هذا الحرمان الطوعي هو ضرورة ليركز على عمله الإبداعي.

 

اظهر المزيد

Wajdi al-Ahdal

A Yemeni novelist, storyteller and playwright, whose many works have been published in multiple editions and translated into many languages.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى