في شهر حزيران/يونيو من كل عام، تُسترجع ذكرى هزيمة عام 1967 في المجال العام العربي فهمًا للهزيمة ومحاولةَ لتجاوزها كما يُقال، وإن كان كم الانتاج البحثي والأكاديمي العربي عن الحرب، ومستوى مقالات المثقفين عنها، لا تُعضّد هذا الادعاء؛ فاستذكار الحرب له وظيفة دعائيّة وتنابزيّة واضحة وهو أبعد ما يكون عن الفهم والدراسة، ورغم أن بعض من الباحثين والمثقفين يحاول دراسة الحرب والتأريخ لها ويدعو إلى ذلك، فإن أشكال استذكار حرب حزيران أصبحت بحد ذاتها ظاهرة تستأهل البحث والدراسة.
من الأمور التي تستذكر في موسم ما يسمى تجوّزًا “النقد الذاتي” دعم مصر لثورة 26 سبتمبر في اليمن ودور هذه الحرب في هزيمة 67، وستحاول المقالة تأمل هذه الرؤية نقديًا؛ وذلك محاولة لتحديد دور حرب اليمن في الهزيمة، وفهمًا للثقافة السياسية الراهنة عربيًا وأشكال استحضار وتوظيف التاريخ التي تشيع في النقاشات العموميّة مؤخرًا[1] ، كما أن نقاش حرب اليمن ودورها في الهزيمة لن يكون مفيدًا بدون فهم الهزيمة ذاتها؛ أي أن فهم حرب اليمن وتأثيرها على مصر يساعد في التأريخ لهزيمة 67.
الوقائع محكًا للبديهيات
ثمة ما يشبه الإجماع بين من يتحدثون أو يكتبون عن هزيمة حزيران على الدور الذي لعبته حرب اليمن في إلحاق الهزيمة بمصر والعرب في 67، وتسرد في معرض الحديث عوامل كثيرة تأكيدًا وإثباتًا لهذا الدور، وبعض تلك العوامل صحيح نظريًا في المقام الأول؛ أي أن هذه العوامل لم تُفحَص بتسييقها داخل يوميات حرب حزيران. استذكار حرب اليمن غالبًا لم ينتج عن دراسة الهزيمة وتعيين عواملها بأكبر دقة ممكنة ومن ثمّ أمكن تتبّع خيوط بعضها إلى بكرة حرب اليمن، بل حصل العكس؛ أي الانطلاق من مبادئ نظرية سليمة تؤدي في النهاية إلى ضرورة وجود دور لحرب اليمن في الهزيمة، بغض النظر عما إذا كان لها دورٌ في الواقع التاريخي.
تقول أغلب الآراء إن أبرز أخطاء النظام الناصري آنذاك أنه تجاوز محظورًا عسكريًا معروفًا وهو خوض الحرب على جبهتين[2] ، كما أن تأثيرات الفساد الإداري وعدم الانضباط العسكري في حرب اليمن وسوء التعامل مع الذخيرة[3] أثّر على مستوى القتال في حرب 67، علاوة على أن وجود ثلث الجيش المصري في اليمن حرم مصر من قوات ضرورية لتنفيذ خططها الدفاعية في مواجهة إسرائيل (الخطة قاهر). بعض هذا التحليل كان معروفًا قبل الحرب بسنوات ورفعت هيئات عسكرية تقريرًا بشأنه للقيادة العسكرية عام 1966[4] ، ولكن محك صحة التحليل هنا ليس بداهته في العموم، ولكن محك صحته في حالة حرب 67 هو الإجابة على السؤال البديهي الذي يتجنبه النقاش العربي رغم زحمة الآراء و”الاجتهادات” عن الهزيمة: ما هي أسبابها المباشرة؟ ولا أقصد العوامل والممهدات المختلفة؛ فالهزيمة يمكن النظر إليها منتجًا من منتجات تركيبة النظام الناصري نفسه، وكل ظاهرة أو حدث تاريخي كبير هو ناتج عوامل ومصادفات وموافقات يصعب عدّها، وفي حالة حرب حزيران هناك الكثير ليقال: تركيب النظام الناصري (وهذا أمر يستغرق لوحده أبحاثًا وكتبًا مستقلة)، وطبيعة شرعيّته وعلاقات النظام بقواعده الاجتماعية، رداءة بيروقراطية القوات المصرية، وخطأ التقدير السياسي للجاهزية العسكرية والتوازنات الدولية وفشل أجهزة المخابرات في تحصيل معلومات معقولة عن التحركات الإسرائيلية والعلاقة المعقَّدة بين مصر والاتحاد السوفييتي ومزايدات البعث السوري على النظام الناصري والتربص السعودي – الأردني بالأخير، والتبرم الأمريكي بالناصريّة مع مجيء ليندون جونسون إلى الرئاسة خلفًا لجون كينيدي وعشرات العوامل الأخرى. ما أقصده هو طرح سؤال محدد يُتجاهل لحساب محاولة البحث عن جذور ثقافية وحضارية –وحتى دينية- للهزيمة: ما هو السبب العسكري المباشر في هزيمة مصر عام 67؟
بعد الضربة الإسرائيلية التي أجهزت على القوات الجوية المصرية صباح يوم 5 يونيو، اشتد الهجوم البرّي الإسرائيلي على القوات المصرية، وتكاد تجمع آراء العسكريين التي اطلع الكاتب عليها على أن أداء دفاعات الجيش المصري بريًا كان جيدًا في يوم 5 يونيو، وبدأت تظهر نتائج غياب الغطاء الجوي للقوات المصرية في 6 يونيو ولكن القوات ظلت تقاتل رغم بعض الاختراقات الإسرائيلية[5] ، ولكن بعد السادس من يونيو تحول كل شيء وانهار الجيش المصري في يومين! سبب ذلك كان القرار الذي أصدره المشير عبد الحكيم عامر في يوم 6 يونيو بسحب جميع القوات في سيناء من شرق قناة السويس إلى غربها في غضون ليلة واحدة! ثم تراجع عن قراره في المساء[6] وأمر القوات التي انسحبت بالرجوع. ربما كان هذا القرار واحدًا من أفدح القرارات العسكرية في حروب العرب في القرن العشرين[7] لأنه أمر جيشًا بقضه وقضيضه بالانسحاب في ليلة واحدة بدون خطة لتنظيم الانسحاب[8] ، وهي من أعقد العمليات العسكرية عمومًا، وفوق كل ذلك صدر هذا القرار بعد أن كانت إسرائيل قد سحقت السلاح الجوي المصري في أولى ساعات الحرب، وهذا يعني أن الجيش في سيناء مع بدء الانسحاب غير المنظم في وسط الصحراء وبلا غطاء جوي قد صار فريسة الطيران الإسرائيلي الذي حَصَده حصدًا.
إذًا لم يكن السبب الرئيسي في الهزيمة مشكلة في العتاد أو القوات (مع معرفة أن القوات كانت تعاني من نقصٍ في الأمرين بالمقارنة مع القدرات الإسرائيلية)؛ فلا القوات حين قاتلت فشلت وانهارت في أثناء التصدي للتوغل الإسرائيلي[9] ، ولا السبب نقص الأسلحة الحاسمة اللازمة للدفاع؛ فقد حاربت القوات بأفضل أسلحتها في أول يومين بمستوى معقول[10].
هنا تتضح حاجة ما يبدو بديهيًا نظريًا إلى المحك التاريخي المتعيّن حتى تفحص صحته؛ برغم أن الحرب على جبهتين متباعدتين خطأ عسكري خطير، يصعب القول، بناءً على قراءة يوميات حرب حزيران، إن وجود القوات المصرية في اليمن لعب دورًا واضحًا في الهزيمة.
لو أن الهزيمة حصلت نتيجة انكسار بري بسبب ضعف تسليح القوات في سيناء لوجود الأسلحة النوعية في ميدان قتالي آخر، أو بسبب تعداد القوات لكان من الممكن أن تطابق البدهية التحليلية الواقع التاريخي؛ لأن الشائع بين المؤرخين أن حوالي 70 ألفًا من الجنود والضباط المصريين كانوا في اليمن عشيّة حرب 67. حتى ما يُقال عن عدد ضحايا الجيش المصري في اليمن هو ملعب للتخمين والمبالغات التي لا تقف عند حد، حيث تبدأ الأرقام من ألف قتيل طوال الحرب[11] ثم حوالي 1600 (حتى عام 1965)[12] فعشرة آلاف[13] وصولًا إلى عشرين ألفًا[14]. هذا التباين الكبير في الأرقام سببه أن حرب اليمن تحولت في الثقافة السياسية المصرية مع الوقت، خاصة بعد حرب 67، إلى لعنة يجب تضخيم عقابيلها وتحويلها إلى مستنقع استنزاف مخيف؛ وبذلك يمكن تعقُّل تلك الهزيمة غير المعقولة في حزيران، فذلك أرحم من أن يصدق المرء أن السبب المباشر للهزيمة وتدمير الجيش وضياع الأرض والإسهام في إنهاء حقبة تاريخية_ كان قرارًا من قائد غير كفء للجيش! كما أن الهجوم الاستئصالي على الحقبة الناصريّة الذي شاع في السبعينيات وما تلاها لم يغادر سياسة أو توجهًا للنظام الناصري إلا ووصمهما بالفشل والتهور وقلة الحكمة، وحرب اليمن هنا لم تكن استثناءً، بل وسَهُلَ تصويرها بهذا الشكل لأن التدخل في اليمن وإن كان صائبًا استراتيجيًا وذا سياق تاريخي طويل، ومتسقًا مع منطق التحرر الوطني والقومي الذي كان يحكم النظام وجهاز دعايته، فلم يستطع النظام تأسيس تدخله في اليمن بشكل كافٍ في المجال العام خاصة مع تطاول زمن الحرب، وظلت هذه الحرب شعبيًا في مصر غير مرحّب بها أو غير مُتحمّس لها على الأقل.
لا يسمح مجال المقالة باستقصاء يوميات الجيش المصري في اليمن، ولكن المؤشرات الموجودة التي يمكن فحصها لا تعضّد صورة حرب اليمن باعتبارها “فيتنام عبد الناصر” كما يُقال. في البداية وبعد نقاشات دارت داخل أجنحته ولجنة بعثت إلى اليمن لدراسة الموقف عسكريًا وتقديم توصياتها، قرر النظام دعم ثورة 26 سبتمبر في اليمن بإرسال قوات عسكرية محدودة، ولكن اتجهت الثورة نحو الحرب الأهلية بين الجمهوريين والملكيين المدعومين من السعودية والأردن وبريطانيا وإسرائيل، بمدى لم يتوقعه لا النظام الناصري ولا قادة الثورة اليمنيون أنفسهم، واضطر عبد الناصر لإرسال قوات أكبر وصلت في مرحلة ما إلى قرابة 70 ألف فرد. لم تكن الحرب في اليمن استنزافية وفاشلة حصرًا كما هي الصورة الشائعة الآن والتي يثبت مدى تهافتها حين نستعرض تفاوت تقدير عدد القتلى بتلك الفوارق الكبيرة. بل نقول أكثر من ذلك، إن المشير عبد الحكيم عامر لم يثبُت في سجله العسكري منذ توليه قيادة الجيش المصري وحتى رحيله في 1967 أي نجاح عسكري يُذكَر إلا في اليمن! وتحديدًا في فبراير[15] 1963 حين استطاعت القوات بقيادته دخول مدينة صعدة وتشتيت قوات الملكيين. مع الوقت أدرك المصريُّون أن استراتيجيتهم في القتال تكلف الكثير من الذخيرة وتعطي التفوق للقوات الملكية التي تقاتل بنمط حرب العصابات، وحينها اتبعوا سياساتهم العسكرية الأنجع وهي سياسة المثلث (صنعاء- تعز-الحديدة)؛ أي التخلي عن فكرة طرد القوات الملكية من كامل الأراضي اليمنية، والاكتفاء بتأمين مثلث المدن الرئيسية، وهكذا مع مطلع عام 1967 كان ثلثا اليمن الشمالي بمدنه الرئيسة تحت سيطرة الحكم الجمهوري.
هنا نأتي إلى نقطة تحتاج الكثير من البحث، لا البحث عن تفاصيلها وصحتها فحسب بل والبحث أيضًا في دلالة إهمالها ونفيها تمامًا من النقاشات بشأن حرب اليمن ودورها في هزيمة 67. أُشير أعلاه إلى أن إرسال القوات المصرية إلى اليمن تصاعد من بضعة كتائب إلى 70 ألف جندي، ولكن الذي يكاد لا يُشار إليه هو أن الجيش المصري كان يسحب أيضًا بين حين وآخر جزءًا من هذه القوات تبعًا لدرجة استقرار النظام الجمهوري في اليمن والتوافقات مع المملكة السعوديّة لإنهاء الحرب، ولم يكن ثلث الجيش المصري موجودًا في اليمن بصفة مستمرة. الأهم هنا هو أن القوات المصرية المتواجدة في اليمن عشيّة حرب حزيران كانت حوالي 15 ألفًا؛ فقد تم سحب أكثر من ثلثي القوات المصرية في اليمن إلى مصر قبل حرب حزيران[16]!، وساعد في ذلك أن السياسة العسكرية الجديدة التي اتبعتها القيادة المصرية سمحت لها بسحب جزء كبير من قواتها دون أن يؤثر ذلك على وجود النظام الجمهوري في اليمن. في كلام آخر، حتى فرضية أن قلة القوات لعبت دورًا في انهيار الجيش المصري أمام إسرائيل في الحرب لا تستحق التفكير فيها إذا صحّت هذه الحقيقة التي يذكرها مؤرّخان معروفان (يمني ومصري)؛ لأن أغلب القوات المصرية ببساطة كان في ساحة المعركة في سيناء ولم يكن في اليمن.
ربما كانت عقابيل حرب اليمن الواقعية هي العقابيل الاقتصاديّة، ومن المفترض أن تكاليفها لعبت دورًا في فشل الخطة الخمسية (1960-1965) وساهمت في الأزمة الاقتصادية الخانقة التي عانى منها النظام الناصري منتصف الستينيّات، ولكن تقدير هذا التأثير الاقتصادي يحتاج بحثًا علميًا معمقًا وعدم الاكتفاء، مرة أخرى، بما يبدو بدهيات التحليل، وذلك لأننا نعرف أن الاتحاد السوفييتي أعفى مصر لاحقًا من ديون السلاح الذي حاربت فيه باليمن، كما أنه سلّح الجيش اليمني الوليد، وأيضًا مع معرفتنا بأن رئيس الوزراء المصري الأسبق زكريا محيي الدين، وهو المعروف برؤاه الاقتصادية الصارمة التي كانت تنزع نحو تقليل الاستهلاك خدمة لزيادة الإنتاج، قد نُقل عنه القول إن حرب اليمن لم تكن من خنقت الاقتصاد المصري في الستينيات، وأن ذلك كان لمشاكل وأزمات أخرى أكثر عمقًا[17]. أما تأثير حرب اليمن على مستوى القوات –وهو تأثير ذكره كثير من القادة العسكريين- فهو أمر يخص ضعف تنظيم الجيش المصري بما هو جسم بيروقراطي وليست جناية الحرب بحد ذاتها؛ مثلا هناك محللون عسكريون كانوا يرون في حرب اليمن فرصة لتطوير قدرات الجيش المصري القتالية واستعماله السلاح عوض بقاء القوات عاطلة بدون حركة لسنوات طويلة وما يسببه ذلك من قلة في كفاءة القوات وتعاملها مع العتاد، وبعض القادة المصريين كان يرى بأن التحول لحرب العصابات غير ممكن، بينما يرى آخرون أن عدم اتباع هذه السياسة العسكرية في اليمن لا يمكن فهمه إلا بغياب احترافية إدارة الجيش ورداءتها التي كانت تظهر في كل جوانب إدارة الجيش من التعيينات في المناصب القيادية مرورًا بالإنفاق وانتهاءً بالتدريب ووضع الخطط. وحتى ما يقال عن تأثير مصروفات حرب اليمن على تسليح الجيش المصري نفسه وتجهيزاته خاصة ملاجئ الطائرات، فإن أمين هويدي (وزير الحربية الأسبق) يستعرض بالأرقام تهافت دعوى دور قلة الميزانية عمومًا في ضعف ملاجئ الطائرات[18] . وقُل أمرًا مشابهًا عن الفساد المالي والإداري الذي انتشر في صفوف بعض الضباط والجنود المصريين في اليمن؛ فعلاوة على أن هذا جزء أصيل في كل الحروب عمومًا (في حروب الدول المتقدمة الكبرى بل وحتى في تاريخ الثورات المسلحة وحركات التحرر الوطني!)، لم تكن بيروقراطية الجيش المصري وأجهزة الضبط والمحاسبة فيه عالية المستوى مما ساهم في العجز عن محاصرة ظواهر الفساد، وقد ثبت أن قائد الجيش نفسه المشير عبد الحكيم عامر (وخلصاءَه الذين عيّنهم في مناصب قيادية بالجيش) لم يتميّز عمومًا بالحرفية والانضباط في إدارة مؤسسة الجيش والتعيينات داخلها والتعامل مع منصبه ومع القيادة السياسية، وهذا بلا شك ساهم في ضعف الانضباط وقدرة المحاسبة على التجاوزات داخل الجيش في أثناء الحرب.
مجمل التحليل الفائت يدفعنا لتوجيه أسئلة في اتجاه معاكس: إذا كانت مشكلة الجيش المصري الرئيسة في حرب 67 تكمن في عجز القيادة السياسية عن ضبط القيادة العسكرية وإخضاعها لرؤاها الاستراتيجية، وفي رداءة إدارة الجيش على كل الصعد تقريبًا وصولًا إلى ذروة الكارثة ممثلة في قرار الانسحاب يوم 6 يونيو، ولم تكن مشكلته الأساسية قلة القوات أو غياب السلاح اللازم للدفاع، وإذا كان ما حصل في هزيمة 67 تدميرًا للقوات المصرية، أليس من المنطقي افتراض دور محوري للقوات المصرية في اليمن التي نجت من كارثة حرب حزيران[19] في إعادة بناء الجيش بعد الهزيمة؟ ألم يكن لهذه القوات دورٌ في قدرة مصر على دخول حرب الاستنزاف (1967-1970)؟ هذه أسئلة لا أملك إجابات عليها، وجل ما يمكن فعله هنا هو طرح فرضيات منطقية يمكن إخضاعها للتمحيص والفحص على الوقائع بما هي محك الافتراضات؛ هذه أسئلة تحتاج مؤرخين تقع في متناول أيديهم وثائق الحروب المصرية (حرب اليمن 1962-1967) (يونيو67 ، حرب الاستنزاف، وأكتوبر 73)، وتقع في نطاق بحثهم وثائق الهيئات العسكرية اليمنيّة التي لا ندري أين هي وكيف يمكن الحصول عليها، أو حتى لا ندري إن كانت لا تزال موجودة أصلًا بعد اندلاع الحرب في اليمن وسقوط العاصمة ومؤسسات الدولة وعلى رأسها وزارة الدفاع ومكاتبها وأرشيفها في يد الحركة الحوثيّة.
خاتمة: التاريخ في كبد الصراع
رغم ضحايا الحرب (الذين لا نعرف عددهم ولو بالتقريب!) وعقابيلها الاقتصادية وما شابها من تخبّط في السنوات الأولى وفساد وصغائر وتورط القيادة المصرية لأسباب مختلفة في الصراعات داخل المعسكر الجمهوري اليمني نفسه، يمكن القول إن التدخل المصري في اليمن استراتيجيًا يعد من أنجح التدخلات العسكرية منذ منتصف القرن العشرين وحتى يومنا هذا[20] . انتهت الملكية وقام نظام جمهوري حديث لم ينهَر بعد انسحاب القوات المصرية، وذلك ببساطة لأن المصريين لم “يحتلوا اليمن” بل دعموا نخبًا ثورية حاولت الثورة أكثر من مرة وحتى قبل أن تقوم ثورة 23 يوليو ذاتها، وكانت تلك النخب مسنودة بظهير اجتماعي موجود من قبل ولكنه توسّع وتكوَّن في حمأة الحرب الأهلية. كما دخلت الحداثة إلى اليمن الشمالي وعرف النظم الإدارية والتخطيط الحديث بمساعدة مصر كذلك، وأصبح النظام الجمهوري حليفًا لمصر مُذّاك وحتى يومنا هذا، وشارك في حرب 1973 مع النظام في اليمن الجنوبي بإغلاق باب المندب وإقفال البحر الأحمر أمام الملاحة الإسرائيلية. وبعد عام من التدخل المصري اندلعت في 14 أكتوبر الثورة المسلحة ضد البريطانيين في عدن، وأصبح شمال اليمن (تحديدًا مدينة تعز القريبة من عدن) قاعدةَ تدريب لقوات الكفاح المسلح وتوريد السلاح للتنظيمات المقاومة للاستعمار بدعم وإشراف مصريَّيْن (العملية صلاح الدين)، وفي نوفمبر 1967 طرد الكفاح اليمني المسلح الاحتلال البريطاني وهكذا تحقق أحد أهداف عبد الناصر الرئيسة من التدخل العسكري في شمال اليمن، وهو هدف قيل مبكرًا وعلنًا[21] . صحيح أن السعودية صمدت أمام مد القومية العربية ولفحات الثورة اليمنية وتهديدها، ولكن الأخيرة على كل حال تركت أثرها في توجه الدولة السعودية وبنائها واهتمامها بالتنمية والتطوير الاجتماعي وفي فوران القوى الأيديولوجية داخل المجتمع السعودي؛ يكفي أن نذكر أن الرق ألغي رسميًا في السعودية بعد بضعة أسابيع فقط من اندلاع ثورة سبتمبر، كما أن الاضطرابات التي حصلت في سلاح الطيران السعودي ورفض طيارين سعوديين مساعدة الملكيين دفعت القيادة السعودية لـ “تطهير” الجيش من التيارات المناوئة، ولكن في ذات الوقت يمكن افتراض أثر هذه الاضطرابات ورفض بعض القطاعات الشعبية السعودية لمساندة السلطة الملكيين في اليمن في السياسات الاجتماعية والتنموية وحتى القومية اللاحقة التي اتبعها الملك فيصل تجاه القضايا العربية بعد حرب 67. وبعد جلاء الاستعمار البريطاني من عدن، نقطة ارتكاز الإمبراطورية، بخمس سنوات، كان الخليج العربي كله قد تحرر من الاحتلال البريطاني، وصار البحر الأحمر بحيرة عربية بعد سيطرة اليمنين (الشمالي والجنوبي) على جنوبه ومصر على شماله في السبعينيات، بل إن اليمن الجنوبي وافق على اقتراحات عربية في عام 1974 بتأجير جزيرة بريم التي تشطر مضيق باب المندب للقوات المصرية[22] بما يعطيها تمركزًا استراتيجيًا خطيرًا في البحر الأحمر، ولكن مصر آنذاك كانت تحوّل دفتها نحو سياسات مختلفة تمامًا، ولم تكن في وارد المحافظة على التفوق العربي الاستراتيجي في البحر الأحمر بقيادتها والذي نتج بالأساس عن دعمها لثورة سبتمبر 1962 في الشمال بالقوات والعتاد والكوادر ودعم ثورة أكتوبر 1963 ضد الإنجليز في الجنوب بالسلاح.
لا يذكر هذا النجاح الاستراتيجي الواضح في معرض الحديث عن حرب اليمن اليوم، وإن ذُكِرَ في المذكرات والمقابلات فبصيغ اعتذارية وتبريرية، وهذا يعود إلى عاملين رئيسَيْن على الأقل: الأول هو وضع حرب اليمن في قائمة الأسباب غير المباشرة لأكبر هزيمة عربية في العصر الحديث، والثاني هو أن الثقافة السياسية العربية لا تزال تستخدم التاريخ بكل ملحميته وعوامله وتقديراته وكوارثه في الاحتراب الحزبي والشعبوي التفصيلي والمليء بالصغائر.
هناك عوامل إضافية، منها مثلا أن حرب اليمن توفر “أفضلية” لمصر في الهزيمة؛ فمصر لم تهزم لوحدها في 1967 بل ومعها الأردن وسوريّة أيضًا، ولكن ليس في تاريخهما حرب أخرى يمكن تعليق أسباب الهزيمة عليها. بالإضافة إلى ذلك، الهجوم الأعمى وغير القائم على بحث علمي مضنٍ على تدخل مصر في حرب اليمن فعل مغرضٌ أيديولوجيًا؛ لأن منطق النظام الناصري في دعمه الثورة اليمنية كان إلى جوار الاعتبارات الاستراتيجية المتشابكة منطقَ تحرر وطني والتزام قومي، ومحاربةً لهذا المنطق كان لزامًا على حرب اليمن أن تكون لعنةً تاريخيّة مسؤولة عن بلاءات لا تنتهي ابتداءً من إزهاقها أرواح عشرات الآلاف من المصريين مرورًا بتدميرها الاقتصاد لدرجة اضطرار مصر لبيع احتياط ذهبها بسببها! وانتهاءً بتسببها في تلك الهزيمة النكراء. هذا التصوير على تضليله التاريخي أو على أقل تقدير مبالغاته وعدم دقّته يقول في النهاية إن التضامن العربي أو أفكار التحرر الوطني لا مكان لها وحذارِ أن تسوّل لأحد نفسه أن يعيد التفكير فيها، تمامًا كما يُعاد احياء ذكرى هزيمة يونيو مشاعرَ وأحاسيس وتهكمات وكأن الهزيمة وقعت اليوم_ لأغراض تتجاوز النكاية الأيديولوجية أو إثبات وجهة نظر حزبية، فقبل ذلك تُحيى الذكرى بهذا السلوك المَرَضي تأبيدًا للهزيمة للتأكد من ألّا يسوّل لأحد عقلُه بأن يفكّر في الصراع مع إسرائيل حماية لمصالحه القوميّة، وكلا التوجهين أصبحت لهما سيادة متعاظمة في سياسة المنطقة العربية منذ سبعينيات القرن الماضي وحتى يومنا.
في مآلات ثورات 2011 رأى من يريد أن يرى الدور الإقليمي الحاسم في معارك الشعوب العربية نحو الدولة الحديثة والمواطنة والديمقراطية، وكيف أن الشعب السوري أو اليمني أو الليبي أو حتى التونسي كانت لتكون مساراته بعد الثورة مختلفة كثيرًا وأفضل بكثير لو أن هناك دولًا عربية وقفت معه اقتصاديًا وسياسيًا، وعسكريا إن لزم الأمر، في المرحلة الانتقالية انطلاقًا من مبدأ تحرر وطني ديمقراطي ورؤى استراتيجية قومية، ورأى الجميع أيضًا، من أراد ومن لم يُرِد، كيف أن الثورة المضادة انتصرت بمساندة وتضامن إقليمي حاسمَيْن، وفي كلام آخر، منطق التضامن العروبي والقومي محرم على الرؤى السياسية الحزبية وتفكير النخبة والقوى الثورية في 2011 باعتباره سخفًا تُذكر حرب اليمن وغيرها باعتبارها دليلًا عليه، بينما الأنظمة العربية أدركت بعد تلقيها أولى صدمات 2011 أن تضامنها الوثيق هو طريقها للنجاة بنفسها من الثورة!
إن شيوع صورة حرب اليمن لعنةً ساعده أيضًا أمران: الأول هو أن الثقافة السياسية العربية المعاصرة لم تعتد بعد على فهم الحروب والهزائم على كثرة الحروب التي دخلت فيها، ونرى هذا إلى اليوم في الارتباك وحالات الإنكار التي أصابت القوى الاجتماعية والنخب المثقفة في مواجهة حروب أهلية دخلت مجتمعاتها فيها، وذلك لأن الخطاب الثقافي المهيمن عربيًا إما إسلامي (حزبيًا) أو ليبرالي (نخبويًا) وكلاهما يمنعان المرء من فهم الحرب ومعنى التورط فيها وآفاقها الواقعية؛ الأول يحولها إلى معارك أشباح غُبر فتجد نفسك في حرب من أجل تطبيق الحدود والدفاع عن الشريعة والعقيدة أو التحكم في لبس ومأكل الناس أو تصفية حساب تاريخي متأخر مع شخصيات تقاتلت قبل أربعة عشر قرنًا، والثاني يحرم عليك مجرد فهم دور الحروب تاريخيًا في مسارات الأمم والشعوب، ويساوي بين كراهية الحرب والجهل بدورها، بل ويقدم الجهل والتجاهل في هذا المضمار فضائلَ وقيمًا أخلاقيّة، ويحرم عليك أن تفكر في اختلاف المسؤولية الأخلاقية عند أطراف الحرب؛ فكلهم سواء وكلهم مجرمون لأنهم جميعًا يستخدمون “العنف”.. كلاهما مخطئ، المجرم وضحيته التي ترفض أن تكون مجرد ضحية وتدافع عن نفسها ومستقبلها. أما الخطاب اليساري العربي في عمومه وهو المؤهل لإعطاء الحروب معنى وغاية ولمساعدة المجتمع على تنظيم نفسه للحرب في مواجهة القوى المناوئة للثورة فوصل انحطاطه إلى الوقوف مع قوى الثورة المضادة من أنظمة بممارسات فاشية ومليشيات طائفية ارتكبت الإبادة والفظائع حتى النهاية.
الأمر الثاني هو شحة المصادر وقلة الدراسات علاوة على إخفاء الوثائق والتقارير العسكرية الموجودة في أرشيفات مكاتب القوات المسلحة في اليمن ومصر، وعليه فالمهمة الآن هي استخراج أكبر قدر ممكن من هذه الوثائق حتى نفهم ما حصل بأكبر دقة ممكنة وبعدها فليرَ كلٌ ما يريد؛ على الأقل سيكون الموضوع ميدانًا للنقاش والفحص الصارم بالاعتماد على وثائق ومرجعيات، ولن يكون حال من يريد فعلا نقاش الأمر بموضوعية مثل حال من يتحسس بعصا التخمين والافتراضات والمقابلات طريقه في متاهة مظلمة بلا نهاية معروفة ولكن يملؤها ضجيج المزايدات والتجهيل الذي يزيد التائه ارتباكًا وحيرة.
المراجع والهوامش:
[1] من ذلك مثلًا اعتبار تدخل مصر في اليمن عسكريًا دعمًا للجمهوريّة بدعة ناصريّة بلا دوافع استراتيجيّة ولا سياق تاريخي يمتد لقرون. ناقش كاتب المقالة شيئًا من هذا الموضوع في مقالة سابقة: https://bit.ly/3aOW9nV
[2] شاهد مثلًا تحليل محمد حسنين هيكل:
https://www.youtube.com/watch?v=WOy5t_m2958&t=304s
[3] على سبيل المثال أنظر:
الفريق أول محمد فوزي، حرب الثلاث سنوات، ط5 (القاهرة: دار المستقبل العربي، 1990) ص 26-29.
وكذلك شهادة الفريق سعد الدين الشاذلي في برنامج شاهد على العصر على الرابط:
https://www.youtube.com/watch?v=Clb7wjC40RQ
يجب أن نذكر هنا جوانب أخرى إضافية يوردها المشير عبد الغني الجمسي، مثل أن استخدام المعدات والأسلحة في حرب اليمن أدى إلى تهالكها، وتقديراته عمومًا لأثر حرب اليمن في هزيمة 67 أكبر من تقديرات بقية زملائه مثل محمد فوزي والشاذلي وأمين هويدي، أنظر:
المشير عبد الغني الجمسي، حرب أكتوبر 1973، ط2 (القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1998) ص 61-62.
[4] فوزي، ص 28
[5] الجمسي، ص 97- 98. وكذلك انظر:
أمين هويدي، خمسون عامًا من العواصف: ما رأيته قلته، ط1 (القاهرة: مركز الأهرام للترجمة والنشر، 2002) ص 215 وص217.
[6] كعادة كل ما يخص التاريخ العسكري المصري (والعربي)، لم يفرج عن الوثائق الخاصة بالحروب بحيث نعرف كيف اتخذ عبد الحكيم عامر قرار الانسحاب، وإن كان واضحًا من أغلب الشهادات والمذكرات أنه لم يستشر أي قائد عسكري فيه، وأنه بعد الضربة الجوية في 5 يونيو ثم ظهور نتائج الضربة في 6 يونيو في موقف القوات البرية فقد أعصابه وألغى الهجمات المضادة البرية على القوات الإسرائيلية وأمر بانسحاب القوات إلى غرب القناة في ليلة واحدة.
[7] سيكرر صدّام حسين لاحقًا نفس الخطأ الفادح الذي ارتكبه عبد الحكيم عامر في انسحابه من الكويت عام 1991 أمام قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أمر القوات بالانسحاب السريع بدون خطة انسحاب منظم وبلا غطاء جوي، مما أدى إلى سحق الجيش العراقي سحقًا على يد طيران التحالف الدولي.
[8] يحكي محمد حسنين هيكل أن عامرًا أخبره أنه ألغى درس الانسحاب من دروس الكلية الحربية لأن “الجيش المصري لم يعد في قاموسه أن ينسحب”! أورد هذه الحكاية من باب الاستئناس والتأكيد لا الاستشهاد الحاسم للتصورات والأفكار؛ فسياسة وسلوك عبد الحكيم عامر في الجيش والدولة هما الأهم وليس ما قيل عنه وفيه، وهما يتسقان منطقيًا مع ما يحكيه هيكل هنا:
https://www.youtube.com/watch?v=UwTq7KRkfZ0&t=8s
[9] في هذين اليومين اجترحت القوات العربية بطولات شجاعة في مواجهة القوات الإسرائيلية، ولكن لم يعد أحد يريد أن يتذكر ذلك أو حتى أن يعرف عنه، فكما يقول الرومان “ويلٌ للمهزوم”.
[10] يستعرض أمين هويدي نوعية السلاح المتوافر في سيناء ويحاجج بأن القوات المصرية لم تفقد سلاحًا نوعيًا في اليمن أثر عليها في مواجهة إسرائيل عام 1967. انظر هويدي، مصدر سابق، ص 92.
[11] شاهد الشاذلي، مصدر سابق.
[12] أمام مجلس الأمة في عام 1965 قدم عبد الحكيم عامر هذا التقدير، انظر:
جمال الشلبي، محمد حسنين هيكل: استمرارية أم تحوّل، ترجمة: حياة الحويك عطية، ص 166.
[13] أحمد حمروش، ثورة 23 يوليو، ج1، (القاهرة: الهيئة العامة المصرية للكتاب، 1992) ص 893.
[14] وجيه أبو ذكري، الزهور تدفن في اليمن، ط2 (القاهرة: دار الوطن العربي والمركز العربي للصحافة،1977) ص 5.
[15] سلطان ناجي، التاريخ العسكري لليمن (1839-1967)، ط3 (صنعاء: دائرة التوجيه المعنوي، 2004) ص 287.
[16] يقول أحمد حمروش إن عدد القوات في اليمن لم يتجاوز 20 ألفًا عشية حرب حزيران. انظر: حمروش، ص 887.
أما سلطان ناجي فيقول إن تعداد القوات انخفض فعلًا إلى عشرين ألفًا قبل الحرب، ولكن مع مطلع يونيو1967 خُفّض العدد إلى أقل من 15 ألفًا. أنظر: ناجي، ص 304. على كل حال يمتاز كتاب ناجي من أغلب المراجع التي اطلعت عليها برصده المفصّل تغيرَ تعداد القوات المصرية طوال سنوات الحرب في اليمن.
[17] حمروش، مصدر سابق، ص 899. هذا علاوة على أن بعض القادة العسكريين مثل الشاذلي وفوزي وهويدي قد ذكروا مرارًا أن ما يُقال من أرقام عن نفقات حرب اليمن ليست دقيقة وفيها مبالغات كثيرة.
[18] أمين هويدي، أضواء على أسباب نكسة 1967 وحرب الاستنزاف، ط1 (بيروت: دار الطليعة، 1975) ص 95.
[19] هويدي، خمسون عامًا من العواصف، ص 288.
[20] لا تجوز المقارنة من الناحية الأخلاقية بكثير من الحالات المشهورة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، فمنطق مصر في دعم ثورة اليمن كان منطق نظام تحرر قومي قدم الدعم بطلب من قوى ثوريّة يمنية. ولكن تجوز المقارنة من الناحية الاستراتيجية. فقد فشلت الولايات المتحدة في تدخلها في كل من فيتنام والعراق وأفغانستان ولم تحقق أهدافها الاستراتيجية وأخطأت التقدير وتكبدت خسائر فادحة في الأرواح والمعدات والاقتصاد، وحصل ذات الأمر مع الاتحاد السوفييتي في أفغانستان، ونحن هنا نتحدث عن إمبراطوريتين وليس عن مجرد دولة عالمثالثيّة صاعدة مثل مصر في منتصف القرن العشرين.
[21] ذكر عبد الناصر موضوع طرد الاستعمار البريطاني من عدن في خطابه الشهير أثناء زيارته إلى اليمن الشمالي (الجمهورية العربية اليمنية) في إبريل 1964:
https://www.youtube.com/watch?v=uEREi6NqG7k
بالإضافة إلى ذلك، بدأت مصر في دعم المقاومة ضد الاستعمار البريطاني في الجنوب اليمني مبكرًا، منذ منتصف الخمسينيات بالتحديد، أنظر:
فتحي الديب، عبد الناصر وحركة التحرر اليمني، ط1 (القاهرة: دار المستقبل العربي، 1990) ص 111.
[22] عبد الله عبد المحسن السلطان، البحر الأحمر والصراع العربي- الإسرائيلي، ط3 (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1988) ص 187.