This post is also available in: English (الإنجليزية)
الصورة ذاتها لم تتغير؛عدن بقلعتها وصهاريجها الجميلة بين أحضان جبالها وخلجانها مايزال صيفها الساخن يتكرر عاما بعد آخر صيف اعتاد عليه السكان عبر الأزمان جيلا بعد جيل. وإن كانت الأجيال الحديثة قد حظيت بميزات التطورالعلمي والتكنلوجي التي ساعدتهم على قهر توحش القيظ وشراسة درجات الحرارة التي لا ترحم.
وحدها المرأة في عدن أجبرت على السير في الطريق المعاكس ؛ لم يسمح لها بمواصلة الطريق إلى الأمام بل فرض عليها التراجع عدة عقود إلى الخلف. يكفي أن تلقي نظرة على امرأة في نهار من نهارات عدن القائظة لتغنيك عن مئات الكتب التي تتناول أو تدرس تراجع وضع المرأة في اليمن عام وفي عدن خاصة.
في منتصف النهار وفي الوقت الذي ترسل فيه أشعة الشمس خيوطها الحارقة عمودياً وتحت درجة حرارة تتجاوز الأربعين درجة مئوية تواجهك كتلة مجهولة المعالم والهوية متشحة بالسواد من أعلاها حتى الأرض؛ كتلة في الطريق وكأنها جزء منه وما إن تقترب منك وتحدثك أو تعرِّف بنفسها لك – إنْ فعلت ْ- حتى تدرك أنها “فوزية أو قد تكون ..خديجة أو ..أو”.
هي ذاتها التي سارت يوماً ما، قبل ثلاثين عاما أو نحو ذلك، في ذات الطريق وتحت ذات الشمس وفي صيف مماثل، ولكن حينها كانت واثقة من نفسها و كانت هويتها معروفة لا تغطيها خيمة ولا يغشاها سواد يزيد من لذع الحرارة واختناق الأجواء.
كانت ببلوزتها البيضاء أو الحمراء أو الزرقاء مع تنورتها أو بنطالها هي ما يفرقها عن غيرها وما يرسم لها هويتها الإنسانية والجمالية؛ بما يحويه ذلك من دلالات الذوق والانتماء والعمر والوظيفة. اليوم فضاؤها انحسر وحركتها تحددت؛ فهي إما عائدة من أحد الأسواق تحمل بكلتا يديها مجموعة من الأكياس تضم داخلها مستلزمات منزلية أو هي ذاهبة لزيارة أقاربها أو أهلها. أما بالأمس، أي ذلك الزمن عينه قبل ثلاثين عاما أو نحو ذلك؛ فقد كانت هذه المرأة ذاتها تملك حرية حركتها وتملك المكان تماما كما يملكه الرجُل. في ذلك الزمان كنتَ ستراها إما عائدة من المدرسة أو الجامعة أو ربما من المسرح الوطني أو قد تكون ذاهبة نحو مدرسة الشرطة أو غيرها من المؤسسات المدنية أو العسكرية أو المؤسساتالانتاجية والصناعية التي كانت لاتخلو من عدد مماثل أو يزيد من أبناء جنسها من الذكور.
تقول الصحفية وئام سروري عن وضع النساء في عدن وتغير أسلوب حياتهن في السنوات الأخيرة “إنه يخضع لتحولات هيمنة القوة السياسية والاجتماعية المسيطرة على الوضع في عدن”.
ولاشك أنَّ وضع البلد الثقافي والاقتصادي والسياسي قد لعب ولا يزال يلعب دورا في تقدم المرأه أو تخلفها و في تفتح عقليتها أوانغلاقها وفي أخذها حقوقها أو إضاعتها.
فالمعروف أن النساء في عدن خاصة، وفي المناطق الجنوبية عامة، قد حضين بالتحرر من مقررات المجتمع التقليدي و أتيحت لهن فرصة الانفتاح الاجتماعي والتحررالفكري. وخلال تلك الحقبة من الزمان 1974-1990 أعطيت المرأة حقوقها كاملة لتتاح لها الإمكانية للاسهام الحضاري الفاعل في شتى مجالات الحياة فكانت الطبيبة والمهندسة والمعلمة والجندية والضابطة والرياضية والقاضية.
وعلى الرغم من الجهود التحررية في المناطق الشمالية من اليمن، فإنّ وضع المرأة حينها قد اتسم بالتراجع نظرا لما فرضه النظام التقليدي، بأبعاده الثلاثة: القبلية والعسكرية والدينية، من قيود تحد من تلك الجهود التحررية.
دور قوانين الدولة الاشتراكية وسياساتها في تمكين المرأة
وتضيف سروري أن من الأسباب الرئيسية المساعدة على نهوض المرأة وتطورها التجربة الاستعمارية بما انطوت عليه من انفتاح على الآخر. فقد كان لهذا التفاعل الثقافي الأثر الواضح في الانفتاح على أنماط اجتماعية مختلفة. هذا مع العلم بأن السياسة البريطانية كانت تتبنى فلسفة عدم المساس بالعادات والدين. غير أن تمكُّن الحزب الاشتراكي من السلطة(1970-1990)، مع ما صاحب ذلك من تبنيه لسياسات تحررية وسنه لقوانين صارمة، قد أتاح للمرأة تبوء مكانة اجتماعية أفضل مما سبق تلك المرحلة وما تلاها.
وبعبارة أليس نجاشي مدرسة للغة الانجليزية، فقد ” كانت هناك دولة ترعى حقوق المرأة و تحرص على تطبيقها”. وتضيف النجاشي بأن أية محاولة للمقارنة بيننا وأمهاتنا ستكون غير عادلة؛ فقد توفر للمرأة في ذلك الحين جهاز تشريعي وتنفيذي مكَّن المرأة من أن تستخدم إمكانياتها العقلية والعملية ولتكون بذلك المبدعة المنتجة المتحررة فكريا واقتصادياً.
لايختلف اثنان في أنه كان لقانون الأسرة المسنون في مطلع يناير من العام 1974م دور مهم في منح الحقوق والحريات الكاملة للأسرة بشكل عام والمرأة بشكل خاص. ويضم هذا القانون حزمة من التشريعات الضامنة للحريات، منها: الحرية الشخصية بالنسبة للباس، وإلزامية التعليم، وتحديد سن الزواج، وقوانين النفقة، و واحدية الزواج، وغيرها من القوانين التي ضمنت للمرأة آدميتها وحقوقها.
كما ضمنت القوانين والتشريعات حق المرأة في العمل والمشاركة السياسية. و قد كانت، بذلك، عنصرا فعَّالا في مجتمع مدني متحرر وصلت فيه المرأة إلى مراتب عليا و ظفرت بمكتسبات مدنية كبيرة بالمقارنة مع نظيراتها في مجتمعات الجزيزة العربية المجاورة. وبصورة محددة تحقق للمرأة خلال الفترة الاشتراكية المساواة وتكافؤ الفرص في مواقع الانتاج واتخاذ القرار وصارت المرأة الجنوبية في بدايات 1970م م بالمقارنة مع مجتمعات الجزيرة والخليج أول نائب وزير، وأول عميد كلية اقتصاد، وأول مذيعة تلفزيون، وأول مذيعة إذاعة، وأول رئيس تحرير لصحيفة، وأول قاضية، وأول كابتن طائرة مدنية. وحتى في المجال العسكري كان للمرأة الجنوبية دورها الريادي في الكفاح وفي الاستشهاد الفدائي. وفي هذا الصدد يتذكرالناس الشهيدة خديجة الحوشبية والمناضلة دعرة كما كانت عدن أول مدينة عربية تحتضن أول تشكيل حركة نسائية في شبة الجزيرة العربية. والجدير ذكره في هذا السياق أن أول تظاهرة ضد العنف المنزلي للنساء في شبة الجزيرة العربية كانت في عدن في العام 1951.
الأم المتعلمة والبنت الأمية
من المظاهر المحزنة أن تجد اليوم في عدن أُمَّاُ متعلمة وبنتها جاهلة. فقد أصبحت نسبة كبيرة من النساء بعدن أميات عاطلات عن العمل مسلوبات الإرادة يمارسن الإقصاء على بناتهن ويساهمن في ترسيخ تعاليم متشددة معظمها مستوردة حديثا. ومن تلك التعاليم الاعتقاد بأن العباية مفروضة دينيا. واليوم أصبحت العبايا السوداء وغطاء الرأس الأسود والنقاب الأسود هي اللبس الإجتماعي المعياري الدال على الالتزام بالدين والتمسك بالحشمة. ومع كون هذه الألبسة كغيرها تعد جزءا من التقاليد الاجتماعية القديمة أو المستوردة، فإنَّ الأمر قد أخذ طابعا دينيا إلزاميا وأصبحت المرأة غير قادرة على التحرك خارج منزلها قيد أنملة دونه. وفي العقدين الأخيرين تطور الأمر لتصبح العباية زياً رسميا له طابع مؤسسي؛ وذلك حين أصبحت جزءا من الزي المدرسي المعتمد حكوميا.
تقول نجاشي متحدثة عن حكايات حكتها لها أمها وجدتها أن الفتاة لم تكن ملزمة بالتعلم فحسب، بل كانت المرأة تشجع على ممارسة الهوايات والرياضة. واضطلعت الدولة برعاية كل ذلك ووفرت له المؤسسات الخاصة بها ووفرت له بيئة خصبة تشجع على انخراط الفتيات في تلك المؤسسات. وفي هذا الصدد يُذكر أنَّ المرأة قد أبدعت وتحصَّلت على ميداليات في مشاركتها داخليا وخارجيا ضمن بطولات مختلفة.
أما الآن، فقد أصبحت الأمية منتشرة بين أوساط الفتيات وأصبحت الهوايات من بذخ الحياة و سفاسف الأمور. أمَّا الرياضة، فأصبحتْ رجسا من عمل الشيطان. غاب العلم وانتشر الجهل، وتفشت الأمية الصريحة والمقنَّعة، وحلَّت وسائل التواصل الاجتماعي بديلا لكل شيء مفيد ومنتج. وحتى وسائل الاتصال الحديثة سُخرت، هي الأخرى، لزيادة عزلة المرأة و تحقيرها، وواحدة من تلك المظاهر تلك النِّكات والتعليقات التي تنال من آدمية المرأة وحقها في العيش الحر الكريم. و أصبح مجال الاستهلاك والتدجين هو المجال الوحيد الذي أتيح للمرأة فيه أن تصول وتجول؛ فهي ليست فاعلة في مجال الاطلاع على بحوث العلوم الحديثة والمشاركة فيها، وليست على دراية بالثقافات المختلفة وبالمهارات اللازمة لعيش حياة معاصرة فاعلة. لقد انحصر اطلاع المرأة على دروس وضع المكياج ووصفات الطبخ.
اليوم لا تملك النساء غير التذكُّر والتحسُّر. ففي حين أن البنات اليوم أميَّات أوشبه أميَّات استطاعت أمهاتهن وجداتهن بالأمس القريب القضاء على الأمية. وفي ذلك الحين منحت منظمة اليونسيف الاتحادَ العام لنساء الجنوب ميدالية (كروبسكايا ) لإنجازاته في مجال القضاء على الأمية في أوساط النساء.
إنَّ المتتبع لوضع النساء في عدن يظهر له جليا التدهور الاقتصادي والفقر المنتشر في أوساط الأسر، و هو ما انعكس سلبا على كلا الجنسين. و نتيجة هذه الأوضاع الاقتصادية المتردية أصبح الجهل متفشيا بنسب كبيرة. ومن هنا،عزوف الآباء عن إكمال بناتهن للتعليم بنسبة قد فاقت النصف من إجمالي المجتمع العدني. هذا بالإضافة إلى الزواج المبكر للفتيات الصغيرات الجاهلات اللاتي ينتجن جيلا آخر من الفتيات يمارسن عليه تعاليم خاطئة من الإقصاء والتهميش و انعدام الاحترام للذات النسوية.
هجرة الريف إلى المدينة و أثرها على الثقافة المدنية لعدن
لم تتوقف الانتهاكات التي أعقبت حرب 1994 لحقوق المرأة في عدن عند التسريح من العمل وإغلاق المصانع والمؤسسات التي كانت تعمل بها، بل تعدى الأمر ذلك إلى تكبيلها بعادات وتقاليد جديدة قيدت حريتها ومشاركتها في سوق العمل و في جوانب الحياة الاجتماعية المختلفة. فأصبحت المرأة العدنية التي كانت مثالا في الأناقة والعلم والتحضر، بفضل الحرية التي تمتعت بها قديما، مقيدة الحرية ومتكلة في كل شيء على الرجل. حدث كل ذلك بموجب مبررات الالتزام بالعادات الاجتماعية والمباديء الدينية. والمعلوم أن رجال الدين المسيسين وجمعيات مسيسة كان لهم ولها الدور الأكبر في تمرير فتاوى متشددة لها أهداف تحشيدية سياسية.
وفي هذا السياق ترى انتصار العلوي رئيسة تحالف (كلنا أمن عدن) أن المرأة في عدن قد تأثرت كثيراً بأفكار الثقافة الدخيلة على عدن بعد حرب صيف 1994. وتتعامل هذه الثقافة مع المرأة على أنها عورة وعبء؛ صوتها عورة، وعملها فتنة، وخروجها أوتعلمها يعرّض مهمتها الأساسية كأم للخطر. وعدى أسر قليلةٍ جدا تمسكت بتلك الثقافة السبعينية التحريرة ضاربة كل الافكار الدخيلة عرض الحائط، فإن معظم المجتمع قد تأثربالثقافة الأصولية الدخيلة. ومن هنا، أخذ الرجل، باعتباره رب الأسرة، في فرض التعاليم الدخيلة على الفتيات وحُرمت بعضهن من التعليم والتعبير عن رأيهن. وفي هذه الأجواء أخذت الأنشطة المدنية التي كانت تزاولها المرأة في فترة السبعينات في الانحسار والتلاشي حتى الاندثار.
وقد شكّلت الهجرة الداخلية من المحافظات الشمالية والوسطى إلى عدن عاملاً أساسياً في استجلاب وزرع عادات ذات طابع تقليدي مختلف عن الطابع المدني الذي اشتهرت به المدينة الكزموبوليتية. وعند المقارنة بين هذه الهجرة وتلك التي كانت في حقبة الاستعمار وما بعد الاستقلال حتى نهاية الثمانينات نلاحظ أن المهاجرين في الزمن السابق كانوا ينصهرون في البوتقة المدنية لعدن، أما في الهجرة الجديدة، فقد تم انتقال المهاجرين مع أفكارهم التقليدية المتعلقة بالعيب الإجتماعي والتقاليد الريفية المقيدة لحرية النساء والحائلة دون انخراطهن في المجتمع. إنَّ بعض السلوكيات الغريبة على الوعي المدني قد انتشرت مع هذا النمط الجديد من العيش، ومن هذه السلوكيات: التمييز بين الذكر والأنثى، وعدم الاهتمام بتعليم الفتاة، وإلباسها البرقع، وتزويجها مبكرا، والنظرة الدونية للمرأة العاملة وخاصة في المرافق التي فيها اختلاط بالرجال. أضفْ إلى ذلك المضايقات والتحرشات التي تتعرض لها النساء اللاتي يخرجن من دون رجال من المحارم أو الكاشفات الوجه أو الحاسرات الرأس، وهن قليل. ووصل الأمر في الآونة الأخيرة إلى التهديد بالتصفية البدنية لكل من تسوِّل لها نفسها كسر القيود الإجتماعية المصطنعة.
هلا ياسين سيدو الطالبة في كلية الحقوق تقول: “في السبعينات في عدن تمتعت المرأة بكامل حريتها وحقوقها لقد كانت في السابق ترتدي ملابس عادية متنوعة محتشمة ولا أحد ينظر إليها. أما الآن فترتدي الحجاب والنقاب الأسودين الفضفاضين، ومع ذلك تتعرض للنظرات غير البريئة وللتحرشات. وفي السابق كان للمرأة مكانة مرموقة في كافة المجالات وكانت الفرص التعليمية الداخلية والخارجية وفرص الأعمال المختلفة متاحة للجميع ذكورا و إناثا برغم الإمكانيات البسيطة. أما الآن، وعلى الرغم أننا نعيش في القرن الحادي والعشرين، فإن وضع المرأة في عدن يتجه نحو الأسواء”.
وتضيف سيدو إننا نحن جيل الشباب ممن لم يعشْ العصر الذهبي للنساء في عدن نتساءل ما الذي سيكون عليه حالنا لو استمر النظام القانوني والتنفيذي بنفس المستوى الذي كان عليه خلال الفترة 1970-1990 مع ما كان سيضاف إليه مما استجد من التطور التكنولوجي والحضاري. إننا سنكون بلا شك ضمن الدول العربية المتقدمة مدنيا. لكن هلا سيدو تشعر، رغم الاحباط المخيم على فئة الشابات في عدن، أن لبنات جيلها إيجابيات من نوع آخر. تتمثل تلك الإيجابيات في قدرتهن على قيادة عدد كبير من الجمعيات والمنظمات المحلية التي تعمل في خدمة المجتمع والتي تساهم كثيرا في نشرالوعي المجتمعي بخصوص قضايا مهمة، مثل أهمية التعليم، ومخاطر الزواج المبكر، والتوعية الصحية، وغيرها من القضايا التي أهملتها الجهات الرسمية. وفي إطار مؤسسات المجتمع المدني هذه تحاول المرأة اليوم في عدن أن تجد لها فضاءا وسيطا بين فضاء الأسرة التقليدي وفضاء الحكومة الخاضع لسلطة الذكور بما يصاحب ذلك من قيم ومعايير لا تتفق مع ما تتوق له المرأة من حرية وتطلعات إنسانية.
شعاع نور
مازالت المرأة في عدن تصارع القمع الاجتماعي الذي فرض عليها منذ 1994 وألزمها بأعراف وتقاليد تقلل من إنسانيتها، ومن دورها في المجتمع، و من قيمة حضورها اجتماعيا وسياسيا. وبالرغم من تفاقم المعاناة بعد الحرب الأخيرة، 2015-2017 فإن المرأة العدنية لم تتوانَ في إثبات وجودها، وفي محاولة إعادة مجدها مرة أخرى. ومع ما فرض عليها من قيود رسمية ومجتمعية، فإنَّ المرأة العدنية تحاول الانخراط في العمل الاجتماعي البناء ضمن أية ظروف متاحة. و في ظل الإمكانيات الشحيحة المتوفرة لها تحاول من خلال الأعمال التطوعية، والأنشطة الاجتماعية في إطار المجتمع المدني، أنْ تجد لها مساحة لتحقيق الذات و إفادة الناس. وليس غريباً على المرأة العدنية أن تكون اليوم في طليعة القوى المجتمعية الفاعلة في مواجهة قوى الإقصاء المنظم. كما أنه ليس جديدا عليها أن تناضل إلى جنب الرجل وتتحدى الصعاب فقد كان نضال المرأة الاكتوبرية شاهدا على نضالها في مقارعة الإحتلال البريطاني حيث وضعت نساء كُثر بصمات ملموسة في الدفاع عن الوطن والحريات الشخصية.
باختصار تحتاج المرأة في عدن إلى ثورة على ذاتها ومجتمعها تخوضها لتفرض وجودها مرة أخرى. إن وجود شخصية نسوية متزنة وفاعلة ومؤثرة من شأنه أن ينقل المجتمع نقلات نوعية. وإن معركة المرأة هي معركة المجتمع كله، فمقياس تطور وتحضر أي مجتمع هو وضع المرأة فيه. إن تجربة تحرير المرأة في الجنوب خلال الفترة الاشتراكية تحتاج إلى دراسة متأنية و محايدة بعيدا عن العواطف والتجاذبات السياسية؛ وذلك من أجل الاستفادة منها في تطوير رؤية جديدة تنال فيها المرأة كافة حقوقها و يرفع عن كاهلها عبء القيود التي فرضت عليها قسرا منذ أكثر من عقدين من الزمن ضمن ظروف سياسية و اقتصادية قاهرة.