This post is also available in: English (الإنجليزية)
خرجتُ من البيت بكاميرتي الساعة السابعة صباحا، طفتُ عدة ساعات في الشوارع ولم أر في طوافي أثرا لسيارات أو أناس كما جرت العادة. خُيّل إلي وقتها أن الأرض قد ابتلعتهم. غير أني مالبثت أن عدت إلى الواقع لأدرك أن الحرب هي من ابتلعهم. دار عقرب الساعة ليستقر على الحادية عشرة ظهرا لتنبثق أمام ناظري مجاميع من الناس والسيارات في طوابير البترول والغاز وكأننا في آخر يوم تُباع فيه المشتقات النفطية .. تسألت حينها هل هؤلاء المواطنون هم من يخلقون الأزمة بجهلهم ليقعوا ضحيتها؟
و في الوقت نفسه، و أنا أطوف أطراف الشوارع ومداخل الأزقة لاحظت تكدس كثير من الناس في أسواق القات، و كأن اسواق القات ملاذهم النفسي بعد منازلهم التي يأوون إليها. يومها زرتُ أربعة أسواق تكتظ بالناس وتكتظ بحكايات وراء كل صورة ومشهد.
البندقية في وجه الكاميرا
قال لي مسلحون لماذا تصوِّر المحطات؟ فأنكرت مباشرة أنني أصوَّر شيئا. ترجَّل أحدهم من السيارة متجها إلي فبادرت بسرعة فائقة بإخراج بطاقة الذاكرة، وأدخلتها جيبي. لم ينتبه الرجل. قال لي آخر افتح الكاميرا. فتحتها ولم يجد شيئا بداخلها وهكذا أنقذت نفسي مما لا تحمد عقباه .
أدرتُ كاميرتي فوْر الخروج من المأزق تجاه أناس يشكون دوما من الوضع، غير أنهم يخلقون بزحماتهم الأزمات. تمتد طوابير الواقفين أمام محطات البنزين في خطوط تبلغ الكيلوين. يقفون بصبر ليكون الفرَج أمام خرطوش المحطة. أما أسواق القات فمن زحمتها لا يكاد المرء يجد له في بعضها موطيء قدم. ينفق في هذه الأسواق الفقراء أموالهم دون اكتراث لاحتياجات عائلاتهم في بلاد تعاني مرارات الحرب والصراعات التي تعصف بأهلها منذ سنوات.
أنور صبري مصوِّر ومخرج سينمائي شاب مقيم في صنعاء.