This post is also available in: English (الإنجليزية)
يعد معهد جميل غانم للفنون الجميلة الأول من نوعه في عدن خاصة واليمن عامة. وقد كان ، ولا يزال، للمعهد تأثير إيجابي على شداة الفن في عدن وفي مدن يمنية أخرى. ساهم القائمون عليه في نهوض الفن في المجتمع اليمني و في نشر الوعي بأهمية الفنون على مر أجيال متتالية منذ تأسيسه.
تاريخ المعهد
بعد عودة الموسيقار أحمد بن أحمد قاسم (ت.1993) من الدراسة الأكاديمية في المعهد العالي للموسيقى العربية في جمهورية مصر ساهم في وضع اللبنة الأولى لأول لمعهد الفنون الجميلة في اليمن. وكان الهدف من إنشاء هذه المؤسسة تعليم الموسيقيين اليمنيين وطلاب الفنون مباديء الموسيقي و ما يتعلق بها من جوانب نظرية وتطبيقية حتى يكون أدأهم للفنون الغنائية التي تعرف بها اليمن مبنيا على أسس علمية منظمة.
الصورة بإذن من احمد شهاب العاقل
ومن هنا فقد كان الهدف الأساسي لمؤسسي المعهد العمل على محو أمية الموسيقيين الموهوبين الذين كانوا يعزفون وفقا لحاسة السمع دون معرفة نظرية ولا تطبيقية بمباديء الموسيقى وفروعها وتشعباتها وتداخلاتها وتمايزاتها. لقيت هذه الفكرة دعما من الحكومة في سبعينيات القرن الماضي. وعلى وجه التحديد أيد وزير الثقافة حينها الراحل الأستاذ عبدالله عبدالرزاق باذيب (ت. 1976) تلك الفكرة اتساقا مع سياسات الحكومة حينها في تأسيس بنى مؤسسية في الدولة الناشئة في مرحلة ما بعد الاستعمار. صدر القرار بتأسيس المعهد في عام 1973م. وبموجب القرار تم إنشأ برامج الدراسة الموسيقية في المعهد وحددت أهدافه وطريقة سير عمله. كلف برئاسة المعهد الأستاذ الموسيقار جميل غانم (ت.1990) بعد عودته من بغداد وإنهاء دراسته الموسيقية فيها.
في العام 1974 تم افتتاح قسم الفنون التشكيلية. ويعود الفضل في افتتاح القسم إلى الفنان التشكيلي المصري الدكتور خالد عبدالعزيز الدرويش الذي كان أستاذا هناك. و سَّع المعهد أنشطته إلى مجال المسرح فتمت إقامة بعض الدورات للتدريب على الأداء المسرحي. وبذلك أصبح النظام الدراسي في المعهد خلال عام واحد يغطي الفنون الموسيقية و التشكيلية والمسرحية.
حددت الدراسة في المعهد في إطار النظام المسائي الحر غير النظامي. في المساء ظل الموسيقيون و الفنانون التشكيليون و المسرحيون يفدون على المعهد بشكل مطرد. في العام 1976 عُيّن الأستاذ أحمد صالح بن غوذل عميدا للمعهد بعد انتقال العميد السابق جميل غانم للعيش في دولة الإمارات العربية المتحدة . بعد مغادرة الموسيقار جميل غانم أول عميد للمعهد البلاد تمت تسمية المعهد باسمه تكريما له و اعترافا بدوره التاريخي في تأسيس المعهد و تطويره و إدارته بنجاح.
وفي العام 1979 صدر قرار حكومي ينص على تحويل الدراسة في المعهد إلى دراسة نظامية. و في ذات العام افتتح أول قسم لدراسة ثانوية فنية و موسيقى فنية ليتخرج منها الطالب بعد دراسة الموسيقى والفنون. في عام 1980 تم افتتاح قسم المسرح وبذلك اكتمل المعهد، كما هو في صورته الحالية، بالثلاثة الأقسام الرئيسية.
الفنون الجميلة تنتصر
رغم شراسة الحرب التي شنت على عدن في العام 2015 وما تلاها من آثار سلبية، بادر مدير المعهد وبعض طاقمه إلى مزاولة العمل فيه. ورغم التحديات التي صاحبت فريق العمل، فقد تخرج ثلاثة تلاميذ في قسم المسرح. و اساهما في تطبيع الأوضاع بعد الحرب حرص المعهد على عرض الأعمال المسرحية لطلابه. أخذت المسرحيات المعروضة صيغة المونو دراما أو الصوت الواحد. وقد اتكأت المسرحيات في محتواها على قصص الراحل عبدالله سالم باوزير.
الصورة بإذن من احمد شهاب العاقل
مثلما عانت المدينة كلها من الظواهر التي خلفتها الحرب لم يسلم الفن و معهده الجميل من تلك الظواهر السلبية حيث حاول الكثير من أعداء الفن النيل من ذلك المعهد و منشأته العريقة تحت مبررات ايديولوجية ترى في الفن دنسا ومضيعة للوقت.
حدثنا مدير معهد الفنون الجميلة الحالي الدكتور عبدالسلام عامر، وهو أحد خريجي الدفعة الأولى دراسة نظامية من قسم المسرح في المعهدعام 1984، قائلا: ” انتصر الفن في عدن وذلك لوجود معهد للفنون أولا و ثانيا لوجود طاقم عمل يؤمن بالفن و بأهمية عودة عمل المعهد و وجود تلاميذ مبدعين. و على الرغم من ايقاني بأن الفنان يبقى فنانا الا أنني قبلت بإدارة المعهد للنهوض به من جديد علما أن هذا المعهد قد تعرض للتهميش منذ 1994م . جابه المعهد بفنه التطرف والغلو، وبدأ افتتاحه الجديد بدورات قصيرة بمبالغ رمزية، ثم تحصلنا على دعم بسيط من المحافظ عيدروس الزبيدي وقد وافق وزير الثقافة على اعتماد ميزانية تشغيلية للمعهد تعد الأولى من نوعها منذ العام 1994م”.
:ثمار المعهد
تخرج العديد من رواد المسرح و الموسيقى و الفنون التشكيلية المؤثرون في المجتمع المدني من المعهد. و من ذلك أن أفراد الفرقة الموسيقية التي تحمل اسم ” شباب عدن ” من خريجي معهد الفنون. كما أن هنالك آخرين تلقوا دورات فيه، ومنهم موسيقيون متمرسون من الشبان و الشابات الذين يجوبون المنتديات الثقافية في عدن وغيرها و يقدِّمون فقرات موسيقية في المناسبات و الأعياد غارسين الأمل و البهجة في نفوس المستمعين.
:جديد المعهد
تخطط إدارة المعهد إلى عودة الدراسة النظامية فيه إلى جانب إقامة دورت مسائية. وستقدم حوافز مالية تشجيعية للمبدعين من رواد المعهد. و وقع وزير الثقافة مذكرة تفاهم مع أكاديمية الفنون في جمهورية مصر سيكون من شأنها، عند تحولها إلى اتفاقية، رفد المعهد بكادر أكاديمي عالي المستوى من أجل تعليم رواد المعهد. و تتضمن ابتعاث بعض أساتذة المعهد إلى مصر لتلقي دورات تدريبية عليا. كما أن هنالك خطة لافتتاح قسم جديد للفنون الشعبية.
الصورة بإذن من احمد شهاب العاقل
وتسعى الإدارة ضمن خطتها في العام 2018 إلى ترميم المعهد و بناء مسرح صيفي إضافة إلى بناء أربع قاعات دراسية جديدة و استوديو فني متكامل.